مع كل صباح يغادر محيي الدين سعيد (60 عاماً)، على حماره حاملاً أصنافاً عدة من الخضروات والفواكه من مزرعته في بلدة "الشويبة" بعزلة راسن في مديرية الشمايتين، غربي تعز، نحو سوق المنطقة الذي يبعد عنها بحوالى 3 كم ليعرض منتجاته الزراعية في سوق العزلة التي يقطنها زهاء ثمانية آلاف نسمة.
 
لم تكن الشعاب الجبلية القاحلة التي يسكنها محيي الدين سعيد برفقة شقيقه عبد سعيد صالحة حتى للسكن، نظراً لوعورة طريقها حيث لا عبور للمنطقة لأي مركبة سوى طريق ضيق بالكاد تمر منه الناس والحمير، بما يعكس الواقع الصعب للمنطقة. 
 
عندما اندلعت الحرب المفروضة من قبل مليشيات الحوثي في العام 2015م تفاقمت المعيشة هناك، مع انقطاع الطرق. يقول محمد عماد، قريبهما وأحد سكان القرية لـ"2 ديسمبر"، إن الشقيقين محيي وعبده سعيد نحتا معاً تلك الجبال بأيديهما مستخدمين أدوات بدائية في إصلاح الأرض الزراعية من خلال عملية بناء مدرجات زراعية وجلب الطين، وشجعهما في ذلك سريان نهر دائم في الجبال المحيطة بهما حيث يتم الاعتماد عليه في الشرب وسقي الأرض الزراعية منه.
 
وتابع عماد، إنه عاد للعمل في المزرعة بعد أن عجز عن السفر بسبب الحرب وبات يساعد أخواله مالكي المزرعة، وهم يعتمدون عليه في توفير المتطلبات الرئيسة للحياة من خلال الاستفادة من المردود وبيع المنتجات في المزرعة أو في السوق، ويجد محمد بعض المردود من هذا العمل الذي يسهم في التخفيف من معاناته بعد فقدانه لعمله بسبب الحرب.
 
يوضح عبده سعيد الشقيق الآخر لمحيي الدين مالك المزرعة متحدثاً لـ"2 ديسمبر"، التجربة في تحويل تلك الضواحي الجبلية الصعبة إلى مزرعة بعد التشاور مع شقيقه، وكانت الأمور صعبة جداً، لكن كانت هناك عزيمة على خلق مزرعة واستغلال النهر الجاري في المنطقة وخلق فرص عمل لأولادهما مع تعذر خروجهما للعمل خارج المنطقة، وقد استسيغت الفكرة وأطلقت إلى النور عند البدء بزراعة أنواع عدة من الخضروات والفواكه أبرزها شجر الموز التي زرعت منها ألفا شجرة، بالإضافة لشجرة العنب والجوافة والبطاط والطماطم  و"الكراث" والجزر... وغيرها.
 
يقول عبده سعيد، إنهما صارا المورد الرئيس لعزلة راسن من مختلف أنواع الفواكه والخضروات، ويقومان يومياً بتزويد السوق على ظهور الحمير؛ لكن انعدام الطريق صار عقبة كبيرة أمامهما والزبائن حيث لا مجال للدخول أو للخروج من القرية إلا عبر ظهور الحمير، وهذا لا يحقق أحياناً الطموحات برفع الإيراد، لتواضع أدوات النقل.
 
وأضاف سعيد، توجد صعوبات أخرى منها غلاء البذور وعدم وجود السدود لحماية المدرجات الزراعية التي تتعرض أحياناً للتخريب بسبب غزارة السيول، وهذا يجعلنا نصلح ما يتم تخريبه من خلال الأيادي لعدم مقدرة الحراثات الدخول للمنطقة.
 
ويساهم القطاع الزراعي ب25% من الاستهلاك الغذائي في اليمن وبحوالى 20% من الناتج المحلي، كما يشغل 40.9 من إجمالي قوة العمل وفق بيانات رسمية، ويقدر الإحصاء الزراعي لعام 2018 المساحة المزروعة في اليمن بمليون و812 هكتاراً، تعتمد مصادر الري فيها على الأمطار بنسبة 48% ثم الآبار بنسبة 32% وتتوزع بقية المصادر بين السدود والحواجز والسيول فيما يبلغ عدد المزارعين مليوناً و191 ألفاً و981 مزارعاً.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية