كشفت تقديرات للبنك الدولي، أن الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والزلازل ونوبات الجفاف، تتسبَّب في خسارة المغرب لأكثر من 575 مليون دولار سنوياً.

وأكدت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أيضا أن "التوسع العمراني السريع وتغير المناخ ينذران بزيادة تواتر الظواهر المرتبطة، بأحوال الطقس وشدتها".

وكشف البنك الدّولي أن "المغرب من بين أكثر البلدان تعرُّضاً للمخاطر المرتبطة بالظواهر الجيولوجية والمناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

نزعة نحو الجفاف

ارتباطا بالموضوع، قال عبد الحكيم الفلالي، أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة، إن الظواهر المناخية في المغرب، على رأسها الجفاف، أصبحت اليوم حديث العامة والخاصة، وتَحملنا كباحثين إلى تأكيد بعض المسلّمات، وهي أن هذه الظاهرة أصبحت أمرا مألوفا بالمناخ المغربي وبالمناطق المتوسطية بشكل خاص؛ فالمناخ المتوسطي متقلب، وهذا التقلب، يساهم في اتساع رقعة المناطق الجافة؛ إذ أن ضعف التساقطات وعدم انتظامها عنصران مترابطان، ولا شك أن هذا هو حال المناطق الصحراوية والساحلية.

وأضاف الخبير في حديث مع "سكاي نيوز عربية" أن تردد سنوات الجفاف في المغرب أصبح يفوق بمرة ونصف تردد السنوات الممطرة، غير أن الأعوام الأخيرة، ما بين 2009 و2021، سجلت قياسات مطرية متطرفة تنبئ بدخول المغرب في مناخ جديد.

 كما أبرز المتحدث أن تحليل التطور البَيْسَنوي للتساقطات بالمغرب، أثبت أن هناك نزعة عامة نحو الانخفاض بحوالي 1.5 ملم سنويا، إذ تراجع المعدل الوطني لكميات الأمطار من حوالي 700 ملم في بداية القرن العشرين إلى أقل من 500 ملم في مطلع القرن الواحد والعشرين، وتُقَدر نسبة التراجع بحوالي 15.3 في المئة.

كذلك تدل هذه النزعة على أن مناخ البلاد أصبح أكثر جفافا، مما كان عليه في بداية القرن 20.

مناخ "مُتطرف"

من جانبه، أكد بدر الزاهر الأزرق، باحث في قانون الأعمال والاقتصاد، أن دخول المغرب كما هو الحال بباقي دول العالم، في دوامة التغيرات المناخية سيكون له وقع كبير على نسبة دورات الجفاف التي ستصبح أكثر تواترا وحدة. ناهيك عن أن المغرب يُعد من الدول المُهددة بشكل جدي بإشكالية التصحر، وهو ما سيفضي إلى تراجع الموارد المائية للبلاد.

وبالمقابل فإن هطول الأمطار بشكل فجائي وغير منتظم، أصبح أيضاً مصدر قلق.

وأوضح الخبير في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا الانخفاض في الموارد سيؤدي إلى تراجع قطاعَيْ الفلاحة والطاقة، كونهما يعتمدان بشك كبير على الماء. وبالرغم من اعتماد المغرب لسياسة ناجعة في بناء السدود منذ الاستقلال وإلى اليوم، فإن حقينتها هذه السنة لا تتجاوز 25 في المئة، وهو ما يُنذر بكارثة.

لمواجهة هذا الأمر، كشف الأزرق أن المغرب أطلق منذ سنوات عدداً من الخطوات، من بينها التوقيع على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، واحتضان "كوب 22"، إلى جانب التوجه للطاقات البديلة، وتحلية المياه كحل دائم لإشكالية الري وتوفير الماء الشروب، وفي هذا الصدد، تم بناء محطة بأكادير وأخرى سترى النور بالناظور والدار البيضاء وغيرها من المدن.

ودعا المتحدث إلى "المرور إلى السرعة القصوى في ترشيد استهلاك الماء، خاصة في الفلاحة والمرور إلى أساليب جديدة كالتنقيط، والاستفادة من تجارب بعد البلدان التي قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال. وهذا يُبرز مدى وعي المملكة بهذه الإشكاليات، التي تستوجب أيضا مزيداً من التضامن الدولي مع بلادنا."

 دعم دولي

في خضم سعي المغرب لتجاوز آثار الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، كشف تقرير البنك الدّولي المذكور أعلاه، أن "مشروع الإدارة المتكاملة لمخاطر الكوارث ومجابهتها" ساعد على تعزيز قدرة المغرب على الصمود في مواجهة الكوارث وتغير المناخ، بتعزيز جهود إعداد استراتيجية وطنية لإدارة مخاطر الكوارث.

كما ساند هذا المشروع الدولي الاستثمارات في التدابير الهيكلية للحد من المخاطر لخدمة أكثر من 174 ألف مستفيد، وتأمين قرابة 9 ملايين شخص ضد الإصابة الجسدية في الوقائع الكارثية، وإنشاء صندوق للتضامن يعود بالنفع على نحو 6 ملايين من المنتمين إلى الفئات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً في البلاد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية