يتمدد شغف الحوثيين لتشتيت اليمنيين وبث الفرقة فيما بينهم يوماً بعد يوم، وفي كل حين تبتدع الجماعة المدعومة من ايران أساليب جديدة لفرض مشروعها الطائفي، سواءً بالقوة أو بترويض الناس على الاندماج معها وسحبهم ليكونوا جزءً من وقود تدفع دفة مشروعها الى الأمام لتحويل اليمن الى ساحة يقتل فيها ابناؤه بعضهم البعض لدواعٍ طائفية عصبية.

 

لطالما اجتهدت المليشيات لاستهداف المدارس والجامعات فكرياً وتعبوياً، وواجهت في مشروعها هذا صعوبات كثيرة، كان اللافت فيها مستوى الاحتجاج الشعبي ضد المشاريع ‘‘الدخيلة‘‘ والمبطنة في أهدافٍ قد تهدم تاريخاً عريقاً من التفاهم الديني والاجتماعي بين اليمنيين بمختلف مستوياتهم.

 

باتت المساجد-وبالذات في صنعاء- منصة أنسب في نظر المليشيات لنشر الفكر الطائفي وتهييج المجتمع للتناحر فيما بينه؛ فالتكفير وتلفيق تهم الارهاب ونشر مصطلحات تدعو للكراهية والبغض، أصبحت بديهيات يسمعها الناس في صنعاء من المنابر التي ظلت طوال عقود منابر تدعو للسلام والوعي، وعبر خطباء جدد فرضتهم المليشيات بما يناسب مقاس مشروعها الفكري.

 

تفتيت النسيج الاجتماعي

أقصت المليشيات منذ دخولها صنعاء العشرات من ائمة وخطباء المساجد في المدينة، وغيرهم المئات في مدن أخرى تسيطر عليها، أما من ظلوا يتمسكون بمواقعهم فإما أنهم رأوا الأنسب لهم الاندماج في اطار مشروع الجماعة، أو أنهم اجبروا بالقوة على انتهاج أسلوب جديد في الخطاب الديني.

 

يمتعض أحد خطباء المساجد في صنعاء والذي اعتزل موقعه بعد اجتياح صنعاء بأشهر من الحالة التي بات عليها وضع الخطاب الديني، وكيف بدت التحولات تسير على هذا النسق المخيف، مهددةً بتفتيت النسج الاجتماعي وخلق حالة من العداء المستفحل بين اليمنيين، ما قد يعني حلول انقسام كبير على  مستوى الطيف اليمني الواحد.

 

وقال مفضلاً عدم ذكر اسمه: تركنا مهامنا في توعية الناس وتقديم الرسالة السامية للتوعية بالدين وتعليم قيم الاسلام لأننا أدركنا أن مشروع الحوثيين يعني أن نتخلى عن مبادئنا وأن نكون مجرد أبواق تبث الفرقة بين اليمنيين وتدعم الحوثيين لهذا المشروع".

 

ويستدرك: جماعة الحوثي إلى الآن تواجه صعوبات في اقناع الناس بأحقية مشروعها، لكن إذا استمرت في جو مريح بهذه الدعوات فإنها لن تتوانى عن إغواء أكبر قدر من الناس، وستستغل حالة الجهل لدى كثير من اليمنيين لإغوائهم". مضيفاً: هذا يندرج ضمن التوعية الفكرية للمليشيات وكل من اقنعتهم بالتوجه الى جبهات القتال، تعرضوا لأفكار دخيلة أفقدتهم رشدهم وأقنعتهم أن القتال معها جهاد ومشروع، وهو أساساً ليس كذلك اطلاقاً".

 

مواقف معارضة

صادفت المليشيات صعوبات كثيرة وهي تنفذ مشاريعها الفكرية، وكان حال الناس في المساجد مشابهاً للحال في المدارس والجامعات من ناحية المواقف التي اتخذت ازاء مشاريع المليشيات الحوثية، بعد تبين حقيقتها من المعاناة التي يتكابدها الناس منذ أن اجتاحت هذه الجماعة عاصمة اليمنيين (صنعاء).

 

وكان مصلون طردوا في الـ16 من فبراير الماضي، خطيباً حوثياً من جامع هائل وسط العاصمة صنعاء، بعد أن فرضته المليشيات الحوثية بالقوة عليهم، وصرخ المصلون في وجهه " اخرج خربتوا البلاد لا نريد صرختك" أثناء ما كان يحاول أن يصرخ من المنبر، ويحاول تطويع المصلين للصراخ معه.

 

تجسد هذا الرفض في كثير من مساجد العاصمة صنعاء، حيث بات الحضور الى  صلاة الجمعة ضعيفاً مقارنة بمستوى الحضور قبل أن تحول المليشيات المساجد الى منابر طائفية، حسب ما يقول سكان في العاصمة. مشيرين الى أن المليشيات الى حد الآن لم تنجح في تطويع الناس على القبول بمشروعها.

 

أفكار دخيلة

يرى مراقبون أن المليشيات الحوثية بقدر ما تصدر القتل والدمار، فإنها لا تبث الا أفكار وخطابات تدعو للفرقة والشتات، وتنهي الصلات التي تعود عليها اليمنيون طوال عقود من الزمن، إلا أن هذا الخيار –من وجهة نظرهم- أمر غير معقول، وهو صعب للغاية.

 

ويعتبرون أن الخيارات الفكرية لدى المليشيات الحوثية كانت موجهة  بشكل متعصب، وهي تواجه معارضة شرسة من قبل اليمنيين وإن لم تبدو بمواقف كثيرة لكنها تظهر من مستوى العزوف الشعبي في حضور دورات المليشيات الفكرية والخطاب الذي تقدمه عبر المساجد.

 

ومنذ أن بدأت المليشيات تستقر في صنعاء استجدت أفكاراً دخيلة لم يكن اليمنيون يعتادونها، وحينما وجدت أنها غير مقبولة راحت لفرضها بالقوة، وعادةً لا تفرض الأفكار بالقوة، ما جعلها تلاقي شجب شعبي كبير أجهضها قبل ولادتها.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية