ما بين وقت وآخر ترتفع أعداد الضحايا الذين يلقون حتوفهم على أيدي أقاربهم المجندين لدى مليشيا الحوثي الإرهابية في المناطق التي تخضع لسيطرتها، مع ارتفاع واضح في معدلات الجريمة الأسرية المتفاقمة نتيجة التغذية الفكرية المتطرفة التي تحقن بها المليشيا المغرر بهم في صفوفها إلى درجة لجوئهم لقتل أقاربهم بدم بارد.
 
هذه الجرائم زادت بشكل لا يصدق في الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها في مديرية كشر محافظة حجة الموافق 14 أبريل، حيث أقدم مسلح حوثي على تنفيذ إعدام جماعي لعائلته المكونة من شقيقه وزوجته وابنيهما بالرصاص الحي، وبشكل مباشر ووحشي للغاية.
 
ويكمن السبب وراء هذه الجرائم في التعبئة الفكرية التي يتلقاها الجناة في ما تسمى المراكز الصيفية والدورات الطائفية التي تحمل طابع التحريض وإرهاب الغير وتصفيتهم دون شفقة، حتى وإن كانوا من أعضاء العائلة والأقارب من الدرجة الأولى.
 
وحشية وإرهاب
 
يتلقى مسلحو مليشيا الحوثي تعبئة فكرية وعقائدية مفخخة بالإرهاب تنمي سلوكهم بشكل عدواني يصل مستوى اتخاذ قرار دون رأفة في تصفية وقمع من يخالفهم لأتفه الأسباب، حتى وإن كانوا من أفراد العائلة.
 
من ذمار يصف الأستاذ علي - أكتفى باسمه الأول خشية على حياته-  جريمة وقعت في منزل جيرانه، فيقول: "بعد يوم من عودة الابن من جبهات القتال في صفوف الحوثي أطلق النار على أمه وأخوه لصياح عابر". مضيفًا أن كثيرًا من هذه الأحداث وقعت في المنطقة التي يعيشون بها على يد المسلحين العائدين من جبهات القتال.
 
ويرى الأستاذ "علي" أن المسلحين الذين يذهبون لصفوف المليشيا الحوثية يعودون بأفكار مغايرة للتي كانوا عليها في السابق، كما أنهم يحملون معهم وحشية وقساوة مفرطة، حيث لا يفرقون بين قريب أو بعيد لأسباب لا تستحتق أن تُذكر.
 
من جانبه، خليل  من صنعاء يصف لوكالة "2 ديسمبر" جرائم عناصر الحوثي بحق جيرانهم فيقول: تغير حال جارنا بعد التحاقه بمليشيا الحوثي حيث قام بإطلاق النار على أخوه، ومن ثم الضرب والتعنيف اليومي لكل أسرته، دون أن يتجرأ أحد على التدخل أو التخفيف عنهم كونه أشهر السلاح في وجوه كل من يتدخل.
 
ويضيف خليل أن معظم مقاتلي المليشيا الحوثية في الحي الذي يسكنه، يقومون بارتكاب جرائم بحق ذويهم وجيرانهم دون أن يلقوا رادعًا أو جزاء لذلك.
 
 أرقام مخيفة طي الكتمان
 
وقال مصدر أمني في صنعاء لوكالة "2 ديسمبر"؛ إن معدلات الجريمة ارتفعت بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث زادت بنسبة 70 % عن الأعوام التي سبقتها، ومعظم هذه الجرائم تقع على يد أقرباء للضحايا.
 
ويرى مراقبون أن معظم هذه الجرائم لا تصل إلى وسائل الإعلام، وتظل طي الكتمان كون المليشيا تتعمد حبسها وتمنع نشرها وتداولها، كما عملت مؤخرًا على إيقاف نشر أرقام الوقائع والجرائم فيما يسمى الإعلام الأمني التابع لها.
 
الهدنة تضاعف الأرقام
 
بالتزامن مع الحديث عن مسار السلام ووقف العمليات العسكرية في اليمن، سنحت الفرصة للكثير من مقاتلي المليشيا الحوثية للحصول على إجازات مكنتهم من العودة إلى المدن والعزل التي جاءوا منها، الأمر الذي زاد من مستوى هذه الجرائم.
 
ويعود المقاتلون الحوثيون للاختلاط بالمجتمع حاملين في عقولهم الإرهاب الفكري، جراء التعبئة الجهادية التي يتلقونها في صفوف المليشيا، ويسقطونها في المجتمع على كل من يحتك بهم ابتداء من أسرهم وأقاربهم، بكل وحشية.
 
يقول  أستاذ علم في علم الاجتماع بجامعة صنعاء - اشترط عدم ذكر اسمه خشية على حياته-  أن الأوضاع المتردية والتعبئة الحوثية جعلت من المسلحين مشاريع إرهاب يصعب التعامل معهم ويتعاملون بعنجهية مفرطة مع الأشخاص، إذ يقومون بقتل وضرب الآخرين دون أن أي سبب أو دافع.
 
ويضيف استاذ علم الاجتماع: "مع عودة المسلحين من جبهات القتال نتيجة لتوقف المواجهات والحديث عن هدنة في البلاد، يُسمح للكثير من المقاتلين بالعودة إلى مجتمعاتهم وينقلون معهم العنف والوحشية، الأمر الذي يضاعف أكثر نسبة الجرائم. 
 
هي جرائم متنوعة في تزايد يومي؛ تتمثل في القتل والضرب والعنف والتعذيب والسرقات والبسط، يمارسها المسلحون في مجتمعاتهم دون رادع، حيث تفاقمت أكثر وزاد انتشارها في ظل الهدنة ومساعي السلام؛ لتتحول المدن والأرياف إلى بؤرة لجرائم معظمها طي الكتمان.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية