كنا في الصبا والشباب لا ندرك القيمة الحقيقية لاحتفالَي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، بالنسبة لنا كانت مناسبةً تقليديةً، مجرد طقوس اعتاد عليها جيل من قبلنا، وربما لأننا صغار، كانت الطقوس الكرنفالية تشدُّنا وتسرق انتباهنا دون الإيمان العميق بأهميتها.

لكن مع مرور الأيام تغيَّرت نظرتنا رأسًا على عقب. عندما فهمنا معنى ذلك اليوم وعظمته، أدركنا التحوّلات الكبيرة التي شهدها شعبنا بعد بزوغ فجر الجمهورية.

في الواقع الذي نعيشه رأينا الإمامة بأم أعيننا، ورأينا كيف انقلبت حياة الناس عندما انقلبت على الدولة. ورغم أننا في القرن الحادي والعشرين، وجدنا ما كنا نسمعه في الأساطير عن القطرنة والولاية.

عشنا الظلم والهيمنة بكل صورهما من أحفاد الإمامة؛ حكمٍ دكتاتوري، عنصرية، وطبقية، خرافات وممارسات كانت تجعل من الجهل سلاحًا للاستبداد. تلك المساوئ أصابتنا وأثّرت فينا، فأشعلت الشيب في الرؤوس وتعرّفنا على الإمامة بنسختها الجديدة في وقت قصير.

انعدام الحرية وضياع الكرامة أجبرت الكثير إلى الخرج وحمل السلاح والمواجهة والدفاع عن مبادئ وقيم وأهداف الجمهورية، فلم نحتمل الذل والهوان مع من يرفض حتى التعايش.

تخيّلوا آباء وأجدادًا عاشوا عقودًا من الحرمان والقهر، ثم أشرقت عليهم شمس الجمهورية ونور الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، هذه هي القيمة الحقيقية التي جعلت ذلك الجيل يترنم بالثورة وبالنظام الجمهوري.

إلى أجيال اليوم وأجيال المستقبل في زمن ثورة المعلومات والتقدم الرقمي: لم يعد خفيًا على أحد الوجه الحقيقي للإمامة التي تتستر بالدين وتلبس عمامة الفرس.. فكّروا كيف سيكون مستقبلكم إذا تمكنت من رقابكم؟! تخيلوا ثم احكموا؛ ستحل أضعاف أضعاف البلاء المرارة التي تكبدها من سبقنا.

هذه الأيام ذروة وهج الثورة السبتمبرية، لنجعلها احتفالًا وفرحًا بثورة العتق من العبودية ولنعظمها ولنروج لقيم ومبادئ ومكتسبات "عشنا وتعلمنا وتحررنا"، لنحتفل بــ26 سبتمبر ونتعصب لها ونراهن على انتصارها ونحشد في صفوفها كاستفتاءٍ بين نور الجمهورية وظلام الإمامة؛ فهي مصير تختاره الأجيال، ولها الخيار بين الافتخار برفع راية جمهورية أو الخنوع والتوسل تحت أقدام السلالة.

أخبار من القسم