الانكشاف الكبير.. إيران تحاول ترميم منظومتها الحوثية مع احتدام صراع الأجنحة
في لحظةٍ هي الأكثر حرجًا في مسار نفوذها الإقليمي، بدأت إيران عملية إعادة هيكلة شاملة داخل مليشيا الحوثي في اليمن، في محاولة لاحتواء تصدعاتٍ آخذة بالاتساع في بنية المليشيا التي شكلت لسنوات، أحد أهم أدوات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.
بحسب مصادر مطلعة، وجه الحرس الثوري تعليمات مباشرة إلى قيادات حوثية بارزة لإعادة هندسة البنية الاستخباراتية والأمنية للمليشيا، بعد اختراقات غير مسبوقة طالت ما يسمى بـ"المجلس الجهادي" ومصرع رئيس عملياته محمد الغماري، الذراع الأيمن لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
وقالت المصادر، إن طهران تسابق الزمن لترميم ذراعها اليمنية بعد سلسلة إخفاقات مدوية على أكثر من جبهة؛ من لبنان الذي بدأ فيه الانكشاف المالي والسياسي لـ"حزب الله" المنهك من تداعيات ضربات قاصمة تعرض لها أودت بكامل صفه القيادي الأول بما في ذلك حسن نصر الله، مرورًا بسوريا التي انتهى فيها نفوذ الحرس الثوري، وصولًا إلى اليمن والعراق حيث بدأت مؤشرات الانفلات والاختراق الأمني تتسع.
فقدت إيران الثقة في تركيبة السيطرة الحالية داخل المليشيا، بعدما أثبتت الأجهزة الأمنية الخمسة التابعة للحوثيين (الأمن الوقائي، أمن الثورة، الأمن والمخابرات، استخبارات الشرطة، والاستخبارات العسكرية) فشلها في أداء أدوارها، وتحولها إلى عبء متصارع أكثر من كونها أدوات ضبط وتنفيذ.
الاختراقات التي طالت البنية الأمنية للمليشيا، كشفت بحسب خبراء ومحللين، هشاشة غير مسبوقة لدى المليشيا أدت إلى الوصول السهل إلى غرف القيادة والسيطرة، لترصد اجتماعات قيادية لحظة بلحظة، وصولًا إلى تصفية قيادات بارزة واختفاء أخرى أمنية وعسكرية في توقيت واحد، لم يعرف بعد مصيرها، مع ترجيحات بأن تكون قد قتلت في الغارات وترجي المليشيا الإعلان عن ذلك إلى وقت آخر.
لم يقف الفشل عند الجانب الأمني، بل امتد إلى المسار المالي، فقد أخفقت المليشيا في تأمين قنوات تدفق الأموال الإيرانية أو إخفاء هوية الشركات التي يديرها قادتها، لتجد نفسها في مرمى العقوبات الأمريكية، إلى جانب تدمير مستودعات أسلحة وصواريخ وورش تصنيع مسيرات في ضربات دقيقة استهدفت عمق بنيتها العسكرية.
وسط هذا الانكشاف، برزت صراعات حادة داخل أجهزة الحوثيين، تجاوزت حدود التنافس إلى صدامات داخلية بين أجنحة أمنية تتبادل الاتهامات بالاختراق والتقصير، وهذا التصدع دفع إيران إلى إطلاق خطة إعادة الهيكلة الجديدة، التي تهدف إلى خلق منظومة استخباراتية أكثر ولاءً ومركزية، وتفكيك الأجهزة القديمة التي أثبتت فشلها.
المؤشرات الأولية لهذه الخطة ظهرت بالفعل، إذ بدأت مهام جهاز الأمن والمخابرات تُحال تدريجيًا إلى جهاز استخبارات الشرطة الذي يقوده نجل مؤسس المليشيا الصريع، علي حسين الحوثي، أحد أبرز الصاعدين داخل منظومة المليشيا الإرهابية.
وجد حسين الحوث الفرصة مواتية في توقيت قد لا يتكرر، وتحرك بسرعة لاستثمار الفراغ القيادي ورفع سقف نفوذه، موجهًا اتهامات صريحة لرئيس الجهاز السابق عبدالحكيم الخيواني بالفشل والتورط في الاختراقات، مما فجر خلافات متصاعدة، بدت معها إيران أمام تحدٍ كبير لإعادة الإمساك بخيوط جماعةٍ تتآكل من الداخل.








