معركة خفر السواحل اليمنية!
جاء في التقرير الأخير للجنة الخبراء الدوليين التابعة لمجلس الأمن تفصيلات مهمة تتعلق بشبكة العلاقات البحرية الواسعة التي أقامها الحوثي في السنوات الماضية، تفصيلات أكدت صلته بجماعات مسلحة في الصومال والسودان وليبيا وإريتريا وكينيا، وتبادل المصالح معها، ومساعدتها له في تهريب السلاح والمخدرات، وطرح التقرير توصيات إجبارية عاجلة تدعو لحماية الشواطئ اليمنية كأولوية أمن القومي.
وهذا يعني أن سياق الصراع العام معه الآن يقع على عاتق خفر السواحل كقوة فاعلة في إغلاق أهم متنفس يستمد منه هذا العدو قوته، ويتخذ منه مسرحًا عملياتيًا لحروبه الداخلية والخارجية.
لقد أدرك المجتمع الدولي أهمية منح قوة خفر السواحل اليمنية صلاحية ودعمًا لوجستيًا وماديًا سيحدث فرقًا في خارطة الصراع، وسيقلل من نشاطات الشريط الساحلي المستخدم للتهريب، وبتر التعاون بين الحوثي والجماعات المسلحة في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي، حيث كان يمثل الوسيلة المثالية لإيصال الأسلحة للمليشيات من إيران بمساعدة خلايا من عدة دول متاخمة للبحرين الأحمر والعربي.
الآن تعقدت الصورة بعد أن أثبتت خفر السواحل جدارتها ويقظتها في تتبع مسارات وأشكال وأوجه التهريب، وأثمرت هذه الجدية انتباه مجلس الأمن وحرصه على دعم هذا التوجه، وحثه في كل تصريحاته وتقاريره على اعتبار خفر السواحل السبيل الوحيد لهزيمة الحوثي على الأقل في هذا التوقيت بعد توقف الجبهات.
ثلاث مهام جسيمة تقع على عاتق خفر السواحل: تأمين الملاحة الدولية في باب المندب، رصد ومكافحة تهريب السلاح، منع تسلل الجماعات الإرهابية عبر البحر، حيث لم يؤرق المجتمع الدولي خطر كهذه التحديات الثلاث اللائي يلزمنه أن يتخذ من خفر السواحل الخيار الأمثل لوضع حد لهذه المسالة.
وبما أن جماعة الحوثي متورطة في هذه الثلاثة الأوجه للخطر؛ فلا بد من هزيمتها في هذا الحيز الجغرافي من المعركة معها، مما يجعل تحديث إمكانية وقدرات القوات المرابطة هناك وتزويدها بمعدات متطورة فرضًا ملحًا يبرز تفوقها المعلوماتي واللوجستي لتغيير صورة المواجهة مع جماعة الحوثي وفرض حصار خانق عليها وتصعيب وصول الإمدادات إليها؛ بعد أن أصبح حضورها السلبي في البحر تهديدًا للمنطقة وللملاحة الدولية.
فبدلًا من مراكمة القوات البحرية الدولية وتجشمها عناء البقاء في عرض البحر لتأمين السفن التجارية والملاحة، عليها الثقة بقدرات خفر السواحل اليمنية وتزويدها بلوازم المهمة وهي ستخفف العبء عليها، وقد أقرت كثير من الدول الكبرى هذا الخيار وعلى رأسها بريطانيا التي نسقت لمؤتمر الرياض الخاص بأمن البحر الأحمر.
لا يمكن تحت أي مبرر التقليل من الدور الذي ستلعبه خفر السواحل في تأمين السواحل اليمنية وقيادة معركة صامتة مع المليشيات التي استشعرت مؤخرًا أنها على وشك فقدان أهم منافذ الإمداد لديها، وقد رأينا بأعيننا الكميات الكبيرة من الأسلحة في السفينة التي وقعت في يد خفر السواحل التابعة للمقاومة الوطنية، حيث لا يمكن إدخال تلك الكميات عن طريق البر.









