ثورة ديسمبر تواصل مسيرها نحو الدولة
شكل الثاني من ديسمبر منعطفًا مصيريًا في تاريخ اليمن المعاصر، ونقطة تحول قطع فيها الشعب اليمني الطريق على مشاريع التفكك والتبعية، وأطلق رحلة كفاح متعددة الجبهات لاستعادة الدولة ومقومات السيادة.
لم تكن تلك اللحظة فاصلة زمنية بسيطة، بل كانت إطلاقاً لمشروع وطني متكامل، تجسّدت ملامحه على الأرض بقيادة الفريق أول ركن طارق صالح، الذي حول الذكرى إلى استراتيجية عملية لبناء دولة عصرية قادرة على حماية الوطن وثرواته وضمان مستقبل آمن لأبنائه.
لم تقتصر نتائج ثورة الثاني من ديسمبر على الجانب العسكري فقط، بل شملت إنجازات تنموية ملموسة على الأرض.
فقد تم شق شبكة طرق استراتيجية في الساحل الغربي وربطها بالمحافظات، وكان من أبرز إنجازاتها كسر الحصار المفروض على محافظة تعز من قبل مليشيا التخريب الحوثية، مما سهل حركة المواطنين ونقل البضائع، وعادت الطاقة الكهربائية لتضيء المدن من خلال محطات الطاقة الشمسية الحديثة، التي وفرت حلاً مستداماً لأزمة الكهرباء المزمنة، كما شهد القطاع الصحي نقلة نوعية بإنشاء مستشفيات ومراكز صحية متطورة، وعاد التعليم ليكتسب حيويته بدعم البنية التحتية للمدارس وتحسين بيئته التعليمية.
بالإضافة إلى ذلك، نفذت مشاريع جديدة لتوفير المياه النظيفة وضمان وصولها إلى كثير من القرى والمناطق السكنية، لتصبح المناطق المحررة أنموذجاً حياً لإعادة إعمار اليمن بعد سنوات طويلة من الدمار والحرمان.
وتم إنشاء مطار المخا ليكون منفذاً إنسانياً ولوجستياً بالغ الأهمية، في حين جرى تأهيل ميناء المخا لاستعادة دوره الحيوي في التجارة البحرية، مما يفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي في الساحل الغربي.
وفي الوقت ذاته، أسست المقاومة الوطنية جيشاً نظامياً متطوراً، يتمتع بالانضباط والقدرة على مواجهة أي تهديد وخوض معركة تحرير كامل الأراضي الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية التابعة لإيران.. ويمتلك هذا الجيش تدريباً متقدماً وهيكلاً تنظيمياً فعالاً، مما يجعله داعماً أساسياً لعملية التحرير وإعادة بناء الدولة.
تجاوز الثاني من ديسمبر كونه تاريخاً يحتفى به، ليصير ميثاقاً وطنياً يُحتذى به ومنهج عمل يُحتكم إليه. بل أصبح معياراً لفهم المستقبل وتقييم الخيارات المتاحة.. إنه يضع اليمن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما دولة تعاد بناء مؤسساتها وجيشها وتنفذ مشاريع تنموية شاملة، أو استمرار سيطرة الميليشيات التي تعوق أي جهد للبناء والتطوير.. بين هذين الخيارين تتجلى قيمة الثورة من خلال إرثها العملي في إعادة تأسيس الدولة وتحديد معالمها، مما يثبت أن الإرادة الوطنية المنظمة قادرة على تحويل لحظة النضال إلى مسار حقيقي لإعادة الحياة والتنمية.









