سلسلة حلقات تنشرها وكالة 2 ديسمبر، من ملف بعنوان (خرافة الولاية)، وفيما يلي الحلقة الرابعة والعشرون..

 

في ناحية الاستعارات من الأديان الأخرى للفكر الشيعي على الدائرة الرمزية العقائدية والشعائرية – التوقيفية على الله – نورد بعض أوجه الشبه في الأديان غير الإسلامية والتشيع:

 

المهدي: يأتي أخر الزمان من نسل زرادشت من يحيي الدين ويقضي على الظلم وينشر العدل، هذا في الديانة الزرادشتية. وفي بعض فرق البوذية لا يزال "دلاي لاما" الذي اختفى في دير بوتالا العظيم يطل على مدينة لاهاما، موقع عقيدة عند أهل التبت "بوذا المنتظر". وهذه عقائد شديدة الشبه بعقيدة المهدي المنتظر من نسل النبي، مختفي في سامراء ويعيش في هذا العالم، ويظهر في آخر الزمان للثأر من الظلمة ونشر العدل.

 

الوحي: في الدين البابلي لاشيء يمكن أن يعرف إلا بالوحي الإلهي، وفي الزرادشتية قرارات الملك وأحكامه يوحيها إليه الإله. وهذه تشبه إضفاء القداسة لدى الفكر الشيعي على الأئمة واستمرار اتصالهم بالسماء.

 

الكهانة: في الدين اليهودي لم يكن أحد غير الكهنة يستطيع أن يقرب القرابين بالطريقة الصحيحة أو يفسر الطقوس أو الأسرار الدينية تفسيراً آمناً من الخطأ. وفي الدين الهندي (الهندوسي) الخلاص الكامل لأعلى الأرواح وأكملها، ومن هؤلاء تتكون طائفة "الأرهات" أي السادة المعظمون، كما أن من حق البرهمي السيادة على سائر الكائنات. وهي صور متشابهة لدور الإمام ورجل الدين الشيعي المتدرج مثل البرهمي إلى منصة الوكالة عن الإمام، في التوسط بين الله والناس وما يستتبعه من هيمنة وسيادة عليهم.

 

المال الكهنوتي: في الدين المصري لم تكن الحياة الصالحة سبيل السعادة الأبدية بل السحر والطقوس وإكرام الكهنة، وفي الدين البابلي كان الأغنياء والفقراء يخصصون للهياكل من مكاسبهم الدنيوية، وفي الدين الهندي كان رأس التقوى السخاء في رسوم تقديم القرابين للكهنة. وهي معتقدات مشابهة لمركزية مسألة دفع الشيعة جزءاً من مدخولاتهم المالية على المرجعيات.

 

العلم الخاص: في الدين الهندي الحقيقة المطلقة لا تتكشف إلا لهؤلاء المخلّصين للبشر الذين يظهرون على فترات منتظمة "الجنا"، وفيه أن أسرار المعلم يمنحها لخيرة تلاميذه وأحبهم إليه. وفيها تشابه في معتقدات التشيع عن العلوم الخاصة واحتكار الحقيقة وإيداعها من الأئمة لتلاميذهم المقربين.

 

العلم الباطني: في الزرادشتية نزعة باطنية في تفسير المراد الإلهي، والنصوص المقدسة ذات ظاهر حرفي وباطن جوهري، وفي الدين الهندي لا ندرك أتمان (روح العالم) بالتحصيل، بل بالبصيرة، البصر الباطني للعقل. وهذا المعتقد والأسلوب يشابه ما يعتقده الشيعة ويفسرون على أساسه الكثير من النصوص القرآنية.

 

عقدة الذنب: الشعور بالذنب تفيض به ترانيم البابليين، والخطيئة هي الفكرة الأساسية في الدين اليهودي، والمسيحي. وهي تشابه عقدة الشيعة بالأخص فيما يتعلق بخذلان الأئمة.

 

النحيب: في الدين البابلي والفارسي القديم، والكنعاني، احتفالات بذكرى وقائع مأساوية لموت كائن مقدس في يوم يحزن فيه المحتفلون وينتحبون ويبكون، ولا يخفى ما فيها من تشابه مع مجالس عزاء الشيعة في أئمتهم لاسيما في الحسين.

 

المواكب: في الدين البابلي كان أهم ما يجب أن يعمله البابلي التقي الاشتراك في المواكب الطويلة التي كان الكهنة ينقلون فيها صورة "مردك" من هيكل إلى هيكل ويمثلون فيه مسرحية موته وبعثه المقدسة، وكذلك في الديانات الفارسية القديمة مواكب حزن ونحيب وضرب على الصدور، وفي الأعياد الدينية الكثيرة لدى البوذية كان الناس يسيرون في مواكب عظيمة أو أفواجً من الحجاج قاصدين إلى الأضرحة القديمة. وهي تشابه مواكب الشيعة ومراسمهم التمثيلية في مناسباتهم وزياراتهم أضرحة أئمتهم.

 

الترانيم: لدى المصريين القدامى ترانيم نصوص الأهرام، وفي ترانيم البابليين أو أناشيد التوبة ينشدها الكهنة والمصلون وهم يتمايلون. وفي الدين اليهودي والمسيحي كانت تقام في الهياكل الأغاني والمراسيم. وهذه تشابه ما يعمله الشيعة في المساجد والحسينيات، التي تمثل الترانيم وأداؤها بأساليب غنائية مع حركات تمايل المظهر الطقوسي الأبرز.

 

الحجارة المقدسة: ظلت أقلية كبيرة من اليهود تسجد للحجارة المقدسة، ويغسل البوذيون حجر "اللنجا" في معبد "رامشفارام" كل يوم بماء الكنج، ثم يباع فيما بعد للمتدينين. وهي تشابه صنع أحجار خاصة من تربة النجف تباع للشيعة الاثني عشرية للسجود عليها.

 

مادة الخلق: في الزرادشتية قصة الحمل الإلهي المقدس بزرادشت، إذ أن ملاكاً تسرب إلى نبات، وانتقل في عصارته إلى جسم كاهن، في الوقت ذاته دخل شعاع من أشعة العظمة السماوية إلى صدر فتاة راسخة النسب، وتزوج الكاهن بالفتاة، فامتزج الملاك والشعاع، فنشأ زرادشت من هذا المزيج. وفي ديانات أخرى قصص مشابهة. وهي تماثل اعتقادات الشيعة بمادة الخلق النورانية للأئمة، وتمازج النطفتين الساسانية والفاطمية في زواج الحسين من ابنة يزدجر وإنجابهما زين العابدين علي بن الحسين.

 

كانت تلك أمثلة من استقاء التشيع لمعتقدات غيبية وأساليب طقوسية – خاصة بالعلاقة بين الله والبشر أو بالدائرة الرمزية – من ديانات أخرى خارج الدين الإسلامي. ويوجد غيرها الكثير خصوصاً إذا قارنا أوجه الشبه بين أساطير شيعية وأساطير ديانات ثانية، لكن تم الاكتفاء بالأزيد بروزا وظهوراً وارتباطاً بأساسيات الفكر الشيعي.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية