محمد الصباري يكتب: من السراديب الفارسية إلى شواطئ اليمن.. خيوط المؤامرة تتكشف
على تخوم مرحلة فارقة، حيث تتقاطع رياح السياسة مع أمواج البحر الأحمر، لم تعد الشبهات تهمس في تقارير سرية، بل صارت حقائق صاخبة تثبتها اعترافات ووقائع موثقة.. أدلة دامغة كشفتها المقاومة الوطنية، أزاحت الستار عن وجه أكثر ظلامًا لمشروع إيراني عابر للحدود، نسجه الحرس الثوري وحزب الله، باختراق دول عربية وآسيوية وأفريقية عبر شبكات تهريب منظمة تُدار كجيوش ظل تحت غطاء التجارة والنقل البحري.
لم يعُد الحديث عن قوارب متسللة تحمل صناديق ذخيرة، بل عن منظومة تهريب متكاملة تضم أكثر من ستة آلاف عنصر موزعين بين القرن الأفريقي واليمن ولبنان وسوريا والعراق، يديرها الحرس الثوري الإيراني بقبضة محكمة، ويوجه مساراتها من ميناء بندر عباس إلى ميناء الصليف في الحديدة، مرورًا بسواحل الصومال وجيبوتي، وأحيانًا عبر رحلات جوية بغطاء إنساني.
اعترافات طاقم سفينة "الشروا"، التي ضبطتها المقاومة الوطنية محملة بـ750 طنًا من الأسلحة الاستراتيجية، أسقطت قناع "التصنيع الحربي" الحوثي، وأثبتت أن الشحنات تشمل صواريخ باليستية وفرط صوتية، وطائرات مسيّرة، ومواد كيميائية محرمة دوليًا، وأن الحوثيين ليسوا سوى واجهة محلية لشبكة إيرانية تمتد جذورها إلى العمق الأفريقي. والأخطر أن بعض المسارات استُخدمت لتمرير أسلحة بيولوجية محتملة، في تصعيد نوعي ينذر بكارثة إقليمية.
كما كشفت الأدلة أن الحرس الثوري لا يكتفي بتمويل وتسليح الحوثيين، بل يعمل على استنساخهم في جماعات جديدة مثل "الإسحاقيين" و"النجاشيين" في إثيوبيا وإريتريا، لخلق بؤر توتر على طول الساحل الأفريقي، بما يمنح طهران أوراق ضغط استراتيجية على الممرات المائية الدولية.
أمام هذا المشهد، لم يعد السؤال: من يعبث بأمن اليمن والمنطقة؟ بل: كيف سترد العواصم الخليجية والعربية قبل أن يتحول البحر الأحمر إلى ساحة صراع مفتوح، والقرن الأفريقي إلى منصة لحروب الوكالة الإيرانية؟ الحقائق الراهنة تفرض الانتقال من ردود الفعل السياسية إلى عمليات مشتركة لتفكيك الشبكات، وقطع شرايين التمويل، ومواجهة المشروع الإيراني عند منابعه قبل أن تشتعل الجغرافيا كلها.
وخلاصة الأمر؛ أن التهديد الإيراني في اليمن تجاوز حدوده، متمددًا إلى ممرات البحر الأحمر وسواحل القرن الأفريقي، وملامسًا أمن الإقليم برمته.. غير أن سقف هذه التجاوزات مرشح للتصاعد، ومسارات الخطر ستتسع ما لم تبادر العواصم العربية والخليجية إلى تحركات جادة ومنسقة، تعطل شبكات التهريب، وتقطع شرايين الدعم، وتواجه المشروع الإيراني قبل أن يبلغ مداه الأبعد ويضع المنطقة على حافة انفجار لا تُحمد عقباه.