تجتهد عصابة الكهنوت الحوثية كثيرا في تفسير مضامين اتفاق السويد والاستدارة الكبيرة التي حصلت لخطابها الفضفاض عن السيادة ورفض الوصاية وحرية القرار بعد أن عاد وفدها من السويد حاملا بشرى تسليم مدينة الحديدة وموانئها وقبولها بوصاية أممية.

 

أشعلت عصابة الكهنوت الحوثية الحرب رافعة شعار "التحرر من الوصاية السعودية" واستقلال القرار الوطني في صنعاء رغم أن علاقات صنعاء بالرياض كانت اتسمت بكثير من التوازن والاحترام المتبادل خلال العقود الأخيرة قبل أن تقوم مليشيا الحوثي بإملاءات خارجية باجتياح المحافظات اليمنية وتنفيذ ما أسمتها "مناورات" استفزازية في الحدود مع السعودية التي يربطها باليمن جوار جغرافي وتفاهمات أمنية مشتركة.

 

وبعد سنوات من الحرب والدمار وتفخيخ جغرافيا اليمن بملايين الألغام والعبوات المتفجرة وقتل وجرح عشرات الآلاف وتشريد ملايين السكان وإيصال ثلثي اليمنيين إلى حافة المجاعة بعد دفع هذه الكلفة الباهظة جلبت المليشيات لليمن وصاية متعددة الجنسيات وامتيازا استعماريا جديدا لبريطانيا.

 

كيف لعصابة الكهنوت الحوثية الإمامية أن تقنع أسر وعائلات آلاف الاتباع والمغرر بهم الذين ساقتهم إلى محارق الموت ليلقوا مصرعهم، أن لندن هي صاحبة القرار الأول في الحديدة بقفاز أممي ممزق، وكيف لأسرة الصريع الصماد مثلاً أن ترحب بهذا التزوير الحقير والتلاعب بعقول الناس، والكذب الفاضح على المتعاطفين معها أو المنتمين لها او حتى الواقعين تحت سطوتها الاجرامية .

 

كانت وستبقى عصابة الكهنوت خادما طيعا للمشاريع العابرة للسيادة والجغرافيا والمتجاوزة للقرار الوطني، وليس غريبا هذا الود بين لندن والأئمة الجدد فقد وقفت بريطانيا في الستينيات مع المشروع الإمامي بقوة، وشكلت لندن خصما غير خفي للجمهورية الوليدة ومشروع التحرر الوطني من الإمامة في منتصف القرن العشرين.

 

لم تكن عصابة الكهنوت الحوثية يوما صاحب مشروع وطني أو عربي لأنها نشأت وكبرت في أحضان فارسية وتتلمذت في دهاليز السياسة والمخابرات الإنجليزية وحتى الامريكية التي صفقت كثيرا لتمدد العصابة ووقفت ضد جهود الجيش اليمني في حروب صعدة لدفن هذا التمرد الهمجي.

 

حين كانت عصابة الكهنوت الحوثية الإمامية تقضم جغرافيا اليمن بعد خروجها من صعدة وهجومها على عمران واجتياحها مناطق حاشد معاقل القبائل اليمنية وزحفها نحو صنعاء كانت دوائر المخابرات الإنجليزية والأمريكية وصناع القرار في واشنطن يعتبرون هذا التمدد والسيطرة نسفا للبنية التحتية للإرهاب وجهدا جبارا في الحملة الدولية على الفكر المتطرف خلايا القاعدة وداعش.

 

وكانت لندن تتعاطى مع هذا الاجتياح باعتبار العصابة الحوثية مكونا جديدا سيفرض واقعا جديدا في المعادلة السياسية وفرض النفوذ الأجنبي في اليمن بما يسهم في التأثير المباشر في المشهد اليمني وتحقيق مآربها التي لم تتأتَ لها بما فيها إعادة رسم خارطة البلاد وفق رؤية جديدة.

 

هذا التعاطي المبهج مع تحركات العصابة الحوثية وعدم التحرك باكرا لمنع اجتياح المليشيا لعاصمة اليمن وتخدير المؤسسة الأممية بعدد من القرارات والبيانات لمنح المليشيا مساحة كافية لتنفيذ المهمة يجعل الاستغراب من نتائج مشاورات السويد أمرا فيه كثير من المبالغة وادعاء غير مقنع بعدم الإدراك.

 

الدور الذي تلعبه العصابة الإمامية الكهنوتية منذ البداية كان واضحا وكانت الرعاية الكبيرة التي تتلقاها العصابة مؤشرا واضحا على أن المحصلة النهائية ستكون فقط عبارة عن تراكم لكل ما تقدم سابقا خلال اكثر من أربعة أعوام .

 

وليس غريبا أن تلعب لندن دور المحامي لصالح المليشيات فقد كان بن عمر البريطاني الجنسية والهوى هو مهندس البدايات ليأتي المبعوث البريطاني الأصل والفعل ويكمل ما تم سابقا وعلى مراحل مختلفة.. يكفي أن يعرف الجميع مثلا أن لندن منعت الشرعية من الاستفادة من أصول البنك المركزي اليمني وموجوداته المالية في بريطانيا ومؤسساتها المصرفية خدمة للمليشيات ومشروعها.

 

عصابة الكهنوت ذراع لمشاريع خبيثة وخارجية فارسية وإنجليزية وذات ارتباط بالخارج فكرا وممارسة، ومن المخجل ان تتحدث هذه المليشيا وقادتها الخونة عن الوطنية والسيادة والاستقلال للقرار الوطني بعد أن جلبوا على ظهورهم قوات أجنبية وفرطوا بالسيادة، وجعلوا بيادات القوات المتعددة الجنسيات تدوس على كل دماء وأرواح من غرروا بهم وجعلوهم وقودا لمحارق الموت المتسعة باتساع كذبهم ونفاقهم.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية