"يجب على أساتذة الجامعة أن يحضروا الدورات الثقافية" هكذا قال أحد ممثلي ميليشيا الحوثي بجامعة صنعاء لأساتذة الجامعة، فهذا الشخص الغارق في الجهل لا يحمل أي مؤهل علمي، سوى أنه يحفظ ما يسمونها بـ "الملازم" التابعة لسيده الجاهل.

 

هذه العبارة استفزت أحد الأكاديميين الذي قضى أكثر من 30 عاماً في البحث العلمي، ويقول لـ "وكالة 2 ديسمبر": "حصلت على شهادة الدكتوراه وأنا في الثلاثين من عُمري الذي يتعدى الآن 60 عاماً، ومن حينها وأنا أعيش بين الأبحاث العلمية ولي الكثير من الأبحاث التي منحتني أعلى صفة أكاديمية "بروفيسور"، وحصلت على العديد من الشهادات والجوائز الدولية، إلا أن كل ذلك لم يشفع لي أمام ميليشيا الحوثي التي ترى أن علمي ما يزال ناقصاً كوني لم أُلقن ملازمهم الخرافية".

 

الأكاديمي الذي أفنى عمره من أجل تقديم أبحاثٍ علمية تخدم الواقع اليمني والدولي، وتعليم الأجيال ما يمكنهم من المشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل.. يبدو متحسراً على ما يصيب اليمن من تجهيل وإعادتها إلى العصور الغابرة، ويُضيف: "كان اليمن على موعد مع النهوض والتطور، وكانت خطواته نحو المستقبل قد بدأت تنتظم، وبدأت تظهر أجيال واعية ومثقفة يُعول عليها مواصلة مشوار التطور المتزامن مع الثورة العلمية والمعرفية، وكانت البلد في طريقها إلى تصحيح مساراتها المختلفة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها وصولاً إلى الولوج في التنمية الحقيقية التي أساسها الإنسان، وفجأة وقعت البلاد في فخ دعاة الجهل والعبودية والموت.

 

 وخلال 4 سنوات دمرت ميليشيا الحوثي التي لا تؤمن إلا بالموت والدمار كل شيء، وأغرقت حاضر اليمن في مستنقعها النتن، وباتت تهدد المستقبل في ظل تخاذل الموقف الدولي الذي يمنحها عمراً إضافياً في كل مرة يلف فيها الشعب حبل المشنقة على رقاب هذه الميليشيا".

 

يوجه هذا الأكاديمي المكلوم على حاضر اليمن ومستقبله أصابع الاتهام صوب المجتمع الدولي بأسره، متهماً إياه بأنه يقف أمام إرادة الشعب اليمني ويقف دائماً موقف المنقذ لميليشيا الحوثي التي يسعى الشعب اليمني إلى التخلص منها ومن ممارساتها اللاإنسانية.

 

في ذات السياق تمكنت ميليشيا الحوثي من ترهيب أعلى فئة مثقفة في البلد "أساتذة الجامعات" بالسجن والاعتقال والتصفية الجسدية في حال عارضوها، وبنفس أسلوب التهديد المرتبط بالقوة استطاعت أن تخضع أغلب أساتذة الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرتها على حضور ما تسميه الدورات الثقافية، وتلزمهم بحفظ ملازم المدعو حسين الحوثي والاستماع لخطابات المدعو عبد الملك الحوثي، إلا أن هذه الممارسات لا يمكن أن تدوم طويلاٌ بحسب أحد الأكاديميين.

 

ويُضيف لـ "وكالة 2 ديسمبر": "لقد تمادت ميليشيا الحوثي كثيراً ومارست كل الانتهاكات بحق الشعب اليمني، وخلال أربع سنوات اعتقلت العديد من أساتذة الجامعات ومارست ضدهم مختلف أنواع التعذيب، وتمارس ضدنا التهديد والوعيد وتُجبرنا على الحضور كأطفال المدارس لتلقن خرافاتها التي لا تتناسب مع العصر والزمن الذي نعيشه، كما قامت مؤخراً بفصل 117 أكاديميا دون وجه حق، وبهذه الممارسات والانتهاكات التي لم يسبقها أحد في العالم نبشر بنهايتها السوداء المظلمة التي تشبهها طال الزمان أو قصر".

 

من جانبه أكاديمي آخر يقول لـ"وكالة 2 ديسمبر": "ميليشيا الحوثي لم تحترم أحداً في هذا البلد، حتى المرأة التي يُجرم الشعب اليمني الاعتداء عليها أو التهكم عليها حتى بالكلام، بل إن ذلك يُعد كالمقدس، إلا أن ميليشيا الحوثي انتهكت هذا المبدأ والعُرف المقدس واعتقلت النساء وضربتهن وسفكت دماءهن وقتلتهن دون وازع ديني أو حياء، فما بالكم بفئة الأكاديميين الذين يُعدون الفئة الراقية بعلمها واحترامها من احترام العلم، فقد حبست الميليشيا من حبست واعتقلت وشردت واعتدت بالضرب والسب والشتم وسفكت دماء الكثير من أفراد هذه الفئة".

 

ويُضيف: "تخيلوا أننا نقوم بالتدريس بدون رواتب، وذلك بدافع الضمير تجاه الوطن وأبنائه، وليس خوفاً من الميليشيا، أو كما ترى أنها تملك السلطة كحق إلهي وأن عامة عبيداً لها يتوجب عليهم طاعتها ويعملون لديها بدون أجر، ومع ذلك لم تحترمنا هذه الميليشيا الغارقة في الظلم والجهل، وما نزال نتذكر الاعتقال الذي طال مجموعة من زملائنا الذين كانوا متجهين إلى عدن للحصول على رواتبهم، وتمت معاملتهم بوحشية وتم حبسهم والإفراج عنهم بتعهدات بعدم السفر إلى عدن وعدم المطالبة برواتبهم أو التحدث عنها".

 

يُعاني الأكاديميون بصنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا من واقع صعب للغاية، في ظل توقف المرتبات، والممارسات والانتهاكات التي تطالهم من قبل الميليشيا، وقد اضطر البعض من الأكاديميين إلى العمل في مهن شاقة والبعض يزاولون مهناً تجارية مختلفة منها بيع القات.

 

انتهاكات وممارسات تطال شعباً بأكمله، الأمر الذي يتطلب موقفاً دولياً يحترم إرادة الشعب اليمني دون أن يقف في طريقه الرامية إلى التخلص من ميليشيا كهنوتية أعادت البلد عقوداً من الزمن إلى الخلف، وتنشر الجهل والفقر والمرض وتعبث بمقدرات البلد، ليدخل 22.2 مليون مواطن يمني من أصل 26 مليون نسمة في حالة الحاجة إلى العون الإنساني.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية