أكدت دراسة اقتصادية جديدة، أن زيادة الأعباء الضريبية، وازدواج الرسوم الجمركية، وتقييد حركة السلع داخليا بين المحافظات، وأزمة سعر الصرف، مثلت الأسباب الرئيسة لارتفاع التضخم "أسعار المواد الغذائية" وصعبت وصول الفقراء وذوي الدخل المحدود إلى السلع والخدمات الأساسية، وفاقمت انعدام الأمن الغذائي وتفشي ظاهرة الفقر في البلاد.

 

وكانت ميليشيا الحوثي الانقلابية وكيل إيران في اليمن، قد استحدثت، خلال السنوات الماضية، موانئ برية في الطرق المؤدية إلى العاصمة صنعاء، والمنافذ البرية بين مناطق سيطرتها والمناطق المحررة، وفرضت جمارك جديدة على البضائع والسلع الغذائية المجمركة في المناطق المحررة.

 

وانتهجت الميليشيا الحوثية استراتيجية الضغط الجبائي على التجار، ورفعت المساهمات الجبائية بتغيير قانوني الضرائب والزكاة، وأجبرت التجار على دفع ضرائب غير قانونية للعقود الماضية، والتي انعكست على المستهلك، حيث حمل التجار السلع والبضائع الأموال التي دفعوها لميليشيا الحوثي، ليدفعها المواطن عند شراء السلعة.

 

وتوقعت دراسة التطورات الاقتصادية الكلية للاقتصاد اليمني الصادرة عن وزارة التخطيط، حصلت "وكالة 2 ديسمبر" على نسخة منها، ارتفاع معدل التضخم التراكمي لأسعار المستهلك إلى 120 في المائة، في ديسمبر 2019، مقارنة بديسمبر 2014، وبزيادة 10% عن مستويات تضخم الأسعار في ديسمبر 2018.

 

ويعني التضخم التراكمي لأسعار المستهلك، فارق الزيادة في سعر السلعة مقارنة بسعرها في الشهر السابق أو السنة السابقة أو التي قبلها، مثلاً سلة غذائية كانت قيمتها 16 ألف ريال في شهر فبراير 2015، والآن في شهر أكتوبر 2019 قيمتها 37 ألف ريال، والفارق بين سعرها قبل أربع سنوات وسعرها اليوم 21 ألف ريال، وهذا الفارق هو ما يسمى "التضخم".

 

ووفقاً للدراسة يعود تصاعد الأسعار إلى أزمة سعر الصرف، وزيادة الأعباء الضريبية وازدواج الرسوم الجمركية، وتقييد حركة السلع داخليا بين المحافظات وخارجياً من وإلى اليمن، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وانعدام بعض السلع الأساسية مثل الغاز المنزلي والبترول والديزل في بعض الأحيان.

 

وحسب بيانات السكرتارية الفنية للأمن الغذائي، كانت أسعار سلع غذائية أساسية في أغسطس 2019 أعلى من فبراير 2015، وبحوالي 104% للقمح، و91% لدقيق القمح، و62% للسكر، و113% للأرز غير البسمتي، و108% لزيت الطهي المنتج محلياً، وبالمحصلة ارتفعت تكلفة سلة الغذاء التي تحتوي هذه السلع بأحجام صغيرة بحوالي 112% خلال السنوات الأربع الماضية.

 

 وتشهد السوق المحلية اختناقات في عرض مادة البترول والديزل والغاز المنزلي بين فترة وأخرى، آخرها انعدام المشتقات النفطية حالياً في العاصمة صنعاء وباقي مناطق سيطرة الحوثيين، سبقتها بشهر أزمة انعدام مادة الغاز المنزلي، بهدف خلق "السوق السوداء" بفوارق مرتفعة في الأسعار تتجاوز الضعف. 

 

وتعتمد ميليشيا الحوثي على تدويل الأزمات السلعية المرتبطة بحياة المواطن، وفق فترات مزمنة تحددها على مدار سنتها المالية، لتحرك نظامها الاقتصادي القائم على " السوق السوداء " كأداة رئيسة لتعزيز إيراداتها المالية، وتحريك الطلب من خلال صناعة الأزمات المرتبطة بتعاملات الناس وحاجاتهم.

 

وأشارت الدراسة، إلى أن أسعار الديزل ارتفعت في المتوسط 36% والبنزين 10% والغاز المنزلي 8% في يوليو 2019، مقارنة بيوليو 2018، وكانت أسعار البنزين والديزل في كثير من المحافظات أعلى بحوالي 185% في أغسطس 2019، مقارنة بفبراير 2015.

 

ويضيف مراقبون اقتصاديون أن إنشاء الميليشيا لحزام جمركي حول مناطق سيطرتها، وتقييد نقل التحويلات المالية، أوجد ما يمكن وصفه بأنه انفصال اقتصادي، جعل الحوثيين هم المتحكم بالمسار الاقتصادي والمالي في تلك المناطق، بما فيها موازنتها العامة.

 

 إذ إن عدم إدخال كثير من الموارد في الموازنة الرسمية لسلطة الانقلاب الحوثي، أدى إلى تعدي العجز الحدود الآمنة، واللجوء في تغطيته إلى مصادر تضخمية، أبرزها السحب على المكشوف لعشرات المليارات خلال تنفيذ الموازنة، مضيفا بذلك تدهورا متواصلا في أسعار العملة المحلية، يتنج عنه بطبيعة الحال المزيد من التضخم وارتفاع الأسعار.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية