لا يزال "حزب الله" اللبناني أكثر الوكلاء الإيرانيين ترسخا من الناحية المؤسسية. غير أن مقتل سليماني سيشكل تحديات أكثر مما سيقدّم فرصا لهذا الحزب.

 

يُذكر أنه في المرة الأخيرة التي وصلت فيها العلاقة بين "حزب الله" وإيران إلى مفترق طرق كانت في عام 2011. وحتى تلك المرحلة، كان أمام الحزب مجال أكبر للمناورة كما كان لقادته نفاذ مباشر للنظام الإيراني الذي غالبا ما تشاور معهم في مسائل مرتبطة بلبنان وباقي دول العالم العربي. غير أنه بعد عام 2011، أدّى التدخل في سوريا وتحكّم سليماني المتزايد إلى التقليل تدريجيا من قدرة الحزب على المناورة من الناحيتين العسكرية والسياسية.

 

والآن بعد زوال سيطرة سليماني، يعتقد "حزب الله" على ما يبدو أنه قادر على استعادة بعض من الاستقلالية التي كان يتمتع بها قبل عام 2011. لكنه يدرك في الوقت نفسه صعوبة موقفه في الوقت الراهن.

 

فقد كان الحزب يعاني من انخفاض الموارد والأفراد، خاصة بعد تعرضه لعقوبات أكثر قسوة، وخسارته العديد من قادة النخبة في سوريا، واعتماده المفرط على سليماني كقائد عسكري. وعلى هذا النحو، فإن الحزب منتشر حاليا بصورة متسعة بحيث يتعذر عليه الاضطلاع بدور أكبر في العراق أو باقي دول الهلال الشيعي.

 

وأدت الاحتجاجات المحلية الأخيرة إلى تفاقم هذه المشاكل. وخلافا لما يحصل في العراق، يتحدى المحتجون في لبنان الميليشيا الشيعية المحلية بشكل غير مباشر ـ فهم يتظاهرون ضدّ الفساد، علما بأن "حزب الله" يحمي النظام الفاسد.

 

ويتمثل ردّ "حزب الله" على هذه التحديات في توطيد سيطرته المحلية. وللمرة الأولى على الإطلاق، شكّل حكومة مؤلفة بالكامل من حلفائه. ورغم أنه سيواصل العمل على قدرات الصواريخ الدقيقة بمساعدة إيران، إلا أنه لا يستطيع تحمّل تكلفة إشعال فتيل حرب مع إسرائيل قبل أن يكون مستعدا للقيام بذلك، لذا يتمثل هدفه المؤقت في السيطرة على جميع المناصب العسكرية والأمنية داخل الحكومة.

 

كما يستعد لانهيار الاقتصاد والدولة في لبنان وذلك من خلال تخزين المواد الغذائية والسلع، معتقدا أن بإمكانه استعادة السيطرة من خلال تقديم هذه المواد والسلع كإغاثة وسط الأزمة المتفاقمة.

 

وفي غضون ذلك، غمر "حزب الله" السوق المحلي بالسلع الإيرانية من خلال مواصلة عمليات التهريب، واستغل نقص الدولار في لبنان من خلال تخزينه الدولارات الأميركية من العراق.

 

ولتعزيز نهج واشنطن الحالي القائم على العقوبات، على المسؤولين الأمريكيين اللجوء إلى "قانون ماغنيتسكي الدولي" لاستهداف حلفاء "حزب الله" السياسيين الفاسدين. ومن شأن هذه الخطوة الإضرار بالحزب وفي الوقت نفسه دعم مطالب المحتجين بإنهاء الفساد.

 

وهناك طريقة أخرى لمواجهة "حزب الله" وهي الامتناع عن إنقاذ الحكومة اللبنانية الحالية ماليا. فقادة الحزب بارعون في التلاعب برغبة المجتمع الدولي في الاستقرار في لبنان. وتحت هذه الذريعة، طرحوا حكومة يسيطر عليها "حزب الله" لن تنفذ أي إصلاحات جوهرية.

 

إن إنقاذ هذه الإدارة لن يضفي إلا الشرعية على سيطرة الحزب على السياسة اللبنانية. ويقينا، من المرجح أن ينهار الاقتصاد والحكومة معا في ظل غياب خطة إنقاذ، الأمر الذي سيترتب عنه تداعيات إنسانية خطيرة. ومع ذلك، فإن الشعب اللبناني مستعد لقبول دولة فاشلة إذ كان الوصول إلى الحضيض سيمنحه فرصة حقيقية لإعادة بناء النظام.

 

المصدر: منتدى فكرة

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية