هدنة الأسبوعين التي قررتها قيادة التحالف العربي، انتهت مدتها دون أن تكون هناك وقف إطلاق نار حقيقي من الناحية العملية، فالجماعة الحوثية لم تقبل بها، ولم توقف عملياتها العسكرية في أي وقت من أوقات مدة الهدنة، بل إن الجماعة حققت أفضل مكاسبها في محافظة مأرب خلال فترة الهدنة، بينما هي مستمرة في خرق اتفاق السويد الخاص بمدينة ومحافظة الحديدة.. وعشية رمضان اجتمع المجلس السياسي في صنعاء برئاسة المشاط، ليؤكد أنه لم يعترف بتلك الهدنة، ويعلن عدم قبوله بأي حلول أو اتفاقيات مجزأة حسب تعبيره.. بينما فرضت الجماعة ومكتبها السياسي حلولا مجزأة على الشرعية، حيث فصلت عن حل التسوية الشاملة قضية الأسرى في جانب، وقضية الحديدة في جانب، وحصار تعز في جهة.. وقبلت بذلك الحكومة الشرعية، بينما ظل الذين فرضوا تلك الاتفاقات والحلول ينتهكونها منذ البداية وحتى هذه اللحظة.
 
إن الجماعة الحوثية تراهن على تزايد نقاط ضعف الشرعية وحكومتها، كما تراهن على تفكك التحالف العربي، وآملة تواصل السعودية معها بشأن تفاهمات معينة، وسوف تستمر في الحرب.. وتفاؤل مارتن غريفيث مبني على المناورات الذكية للجماعة الحوثية، والعزف على أوتار الإنسانية وكورونا، ولا يوجد لدى الرجل ومجايليه، ولا حتى لدى الشرعية وحكومتها وإعلامها، أي فهم حقيقي لأهداف الجماعة، التي حددها مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، وطورها الذين جاءوا بعده.. وأجزم أن كل من سبق ذكرهم لم يطلعوا على كراسات أو ملازم حسين التي لم يكن يستهدف منها تزويد الأتباع بمعارف وكفى، بل كان يبث أفكارا ثورية ويرسخها في الأذهان والضمائر.. وهناك شواهد تشير إلى أنه كان يقوم بعملية متابعة للتأكد من حدوث تجلياتها العملية.
 
على إن قيادة الجماعة حين قامت بتحويل المحاضرات إلى ملازم أو كراسات، وطباعتها بكميات كبيرة، وتوزيعها على نطاق واسع، وتدريسها لرجال اللجان الشعبية، ولأعضاء الجماعة الآخرين، وللأنصار، إنما تقوم بذلك بغية تحويل الفكرة إلى عمل.. حرب تصل الجماعة من خلالها إلى مرحلة التمكين النهائي في اليمن.
 
تلك الملازم تتضمن أهداف الجماعة، والأفكار التي تعمل على توجيه حركة قيادة الجماعة، وعلى أساسها تقوم بتحديد توجهاتها وعلاقاتها الخارجية، ومواقفها وتبرير سلوكها السياسي والعسكري، والدفاع عن أخطائها وجرائمها.
 
رجال ونساء الجماعة الحوثية يستمدون مشروعية أفعالهم من ملازم السيد حسين، وسلوكهم تطبيق عملي لنظريته، أو قل هو انعكاس واضح للتأثير العميق الذي أحدثته أفكاره فيهم، إلى درجة أنها أثرت حتى في طريقة حديثهم وتفسيرهم للظواهر المحيطة بهم.
 
بناء على تلك الملازم أو الكراسات حددوا لأنفسهم الأدوار التي يتعين القيام بها لخدمة الجماعة، والمواقف التي يتخذونها تجاه الآخر، أكان هذا الآخر الدولة أو المجتمع، أو الدستور، أو الجماعات غير الحوثية، أو الأفراد خارج الجماعة، أو الجماعات والدول خارج اليمن.. لذلك لا نعتقد أن الجماعة سوف تقبل بالسلام قبل تحقيق مشروعها، إلا في حالة واحدة، وهي أن تكسر كسرة مهولة.. ألا تفهمون؟

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية