تعددت صراعات الأجنحة داخل مليشيا الحوثي في مستويات قيادية بينها قيادات في الصفف الأول، وفي جوانب من أبرزها العسكري والأمني والتجاري والنفوذ السياسي، ويحاول المدعو عبد الملك الحوثي، بمساعدة إيرانيين وخبراء في حزب الله اللبناني، احتواء تلك الصراعات وبقاءها تحت إدارته، إلا أنه بين فترة وأخرى تبرز ملفات سرعان ما تطفو على السطح، وتخرج إلى الرأي العام.
 
 من مستجدات الخلافات الحوثية، كما تناولت جريدة "الشرق الأوسط" في عددها اليوم الإثنين، ظهور صراع على الثروة والمساعدات الدولية الإغاثية بين القياديين المدعوين علي علي العماد الذي عينته المليشيا رئيسا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والمدعو عبد المحسن الطاووس المعين رئيسا لما تسمى"الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث" المستحدثة لإدارة العلاقة مع المنظمات الإغاثية والاستحواذ على مساعدات بمئات الملايين من الدولارات، جعلتها ثقبا أسود يبتلع الحقوق الإنسانية الإغاثية لليمنيين.
 
المدعو الطاووس مع عدد من إخوانه يشكلون جزءاً من قيادات الصف الثاني في المليشيا الموالية لإيران، ومن المناصرين الأوائل لمؤسس المليشيا الصريع حسين الحوثي، ويرتبط عبد المحسن بمساندة قوية من مدير مكتب رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للمليشيا الحوثية المدعو أحمد حامد، وهو الآخر من المتوغلين في نواة التنظيم الحوثي بسبب انتمائه لمنطقة مران منطلق نشاط مؤسس المليشيا، ومن المساهمين في دعمها منذ بدايتها في تسعينيات القرن الماضي هو ووالده، ويعتبره كثيرون المتحكم بأغلب قرارات المدعو المشاط، غير تسلطه على الأجهزة المدنية.
 
أما المدعو العماد فأصبح مع عدد من إخوانه وأخواته من كبار الأثرياء وأصحاب المشاريع الاستثمارية، خلال مدة وجيزة ظهرت مع الاستيلاء الحوثي على العاصمة؛ وترتبط أسرة العماد القاطنة صنعاء منذ عقود بعلاقات قديمة مع بدر الدين الحوثي وولده محمد بشكل خاص، إضافة لوجود أحد أفرادها في إيران كأحد أوائل اليمنيين الذين انتموا ودرسوا المذهب الشيعي الجعفري الصفوي، وكونوا ارتباطات بالمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران.
 
طفى الخلاف بين الطاووس والعماد، اللذين يمثلان أدوات في صراع النفوذ والثروة لقيادات حوثية من الصف الأول، مع مطالبة الأخير الاطلاع على أعمال وبيانات هيئة الشؤون الإنسانية والمنظمات المتعاملة معها، ورفض الأول للطلب بداعي "عدم الاختصاص".
 
وتمثل المساعدات الإغاثية، بما فاق 15 مليار دولار السنوات الماضية، بؤرة فساد للمليشيا الحوثية، التي جيرت أجزاء كبيرة منها لصالح عناصرها ودعم حربها التي أعلتها ضد اليمنيين منذ ما يزيد على خمس سنوات.
 
وسعت "هيئة الشؤون الإنسانية" الحوثية، إلى التحكم الكامل في مسار المساعدات المقدمة عبر وكالات إغاثية، إقليمية ودولية، بأساليب شتى من ضمنها منع الوكالات من العمل في مناطق سيطرتها وطرح اشتراطات رأتها الوكالات تدخلا سافرا يعيق عملها، فيما أشارت الأمم المتحدة غير مرة إلى التعويق الحوثي لوصول المساعدات إلى مستحقيها من اليمنيين.
 
ويؤكد مراقبون أن ظروف الحرب الدائرة جعلت المساعدات من أهم الموارد التي أدت إلى إثراء قيادات حوثية على حساب المتضررين من الحرب والجبايات المستمرة من المليشيا.
 
وبينوا أن محاولات استحواذ الهيئة الحوثية على أموال المساعدات، مضافا إليها تولي المدعو أحمد حامد ملف أموال الدولة والمعارضين المصادرة، هيّج شهية تيارات حوثية على الدخول في مضمار المنافسة على غنائم المساعدات الإغاثية بذريعة "الرقابة والمحاسبة" الذي يسعى التيار الداعم للعماد إلى منحه صلاحيات مطلقة تضع الجميع تحت رحمته بما فيها هيئة حامد للشؤون الإنسانية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية