بعد أيام من إعلان وصول ضابط الحرس الثوري حسن إيرلو صنعاء، وبنفس يوم تقديم أوراق اعتماده تحت صفة سفير لدى الحوثيين، لقي أحد أهم قادة الجناح السياسي للمليشيا حسن زيد مصرعه في عملية اغتيال وسط العاصمة صنعاء، الواقعة أمنيا وعسكريا في قبضة الحوثيين القادمين من صعدة، مركز سلطة الإمامة الجديدة بقيادة أسرة بيت الحوثي.
 
لا يمكن اعتبار عملية تصفية الوزير في حكومة الحوثيين حسن زيد سابقة أو حدثا مستغربا في مناطق المليشيا كون إزاحة القيادي الحوثي زيد بقتله حلقة من سلسلة تصفيات بدأت مع تسمية حصة للحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني باغتيال أحمد شرف الدين.
 
صراع مراكز الإمامة تاريخيا حافل بالكثير من عمليات تصفية المنافسين على السلطة والقيادة حتى بين الإخوة في البيت الواحد من بيوت الإمامة وهذه الصراعات دشنها أحفاد الوافد الهادي الرسي مبكرا.
 
في شريعة الأئمة القتل والحروب وإبادة آلاف البشر من أجل كرسي الحكم جهاد مشروع وماحصل لحسن زيد وقبله محمد المتوكل وعبد الكريم الخيواني وأحمد شرف الدين وعشرات من القادة العسكريين الذين تمت تصفيتهم في الجبهات على أيدي الحوثيين ليس إلا عمليات ممنهجة تحكي واقع الصراع المحتدم بين الأئمة الجدد.
 
يشعر مركز الحوثيين القادم من صعدة بعدم قدرته على التفرد بالحكم دون التخلص أولا من قادة الجناح السياسي للحوثيين والذي شكله حزب الحق واتحاد القوى الشعبية كون هذا الجناح يمثل مرجعية لأنصار مليشيا الحوثي قبل أن تصل المليشيا إلى صنعاء.
 
كما أن مخاوف توحد عائلات محافظة حجة المركز الحوثي الأنشط تاريخيا مع مركز صنعاء والمحويت مثل هاجسا مرعبا لعبد الملك الحوثي وقيادات المليشيا القادمين من محافظة صعدة والذين وجدوا أنفسهم في شبه عزلة نتيجة تفردهم بقرار سلطة الانقلاب وإقصاء مكونات تحالفاتهم التي أوصلتهم إلى العاصمة صنعاء.
 
صهرت صنعاء كثيرا من العائلات المنتسبة للهاشمية وحولتها إلى كتلة يجمعها الرابط السلالي وانتهى الانتماء الجغرافي لهذه العائلات والتي عملت بإخلاص لتمكين المليشيا من الانقلاب بشتى الوسائل غير أن هذه الكتلة أصبحت بالنسبة للحوثيين لغما قابلا للانفجار في أي وقت كونها ذات حضور قوي في مراكز السلطة أمنيا وعسكريا.
 
زيد والمتوكل وشرف الدين والخيواني برزوا كأوجه عتيقة لهذه الكتلة ولأن المليشيا تحتاج إلى مرجعيات في أي موقف أو قرار كان عليها أن تزيح هذه المرجعيات وتتفرغ بعد ذلك للحرب الخفية مع بقية المراكز الإمامية.
 
بدأت المليشيا بتقوية ظهرها بتحالف مع حوثة محافظة حجة حتى وصلت صنعاء وبعد ذلك تنكرت لقيادات حجة الحوثية وأزاحتها ولم يقبل أحمد حامد ممثل زعيم المليشيا داخل صنعاء بأي حضور قوي لمركز حوثي غير صعدة.
 
ظهر حسن زيد قبل أكثر من عام منتقدا تصريح قائد عسكري إيراني أفصح عن تقديم الدعم للمليشيا الحوثية وكان لافتا في انتقاد زيد أنه بدأ هجومه على طهران بأن ما سيقوله هو موقف شخصي أي ليس رأيا يمثل الحوثيين، وضمن زيد انتقاده ما يشبه الدعوة إلى الخروج عن طاعة طهران والعمل على بحث صيغة اتفاق مع التحالف لإنهاء الحرب.
 
اللافت في موقف حسن زيد أنه تحدث كأحد أقطاب الإمامة وممثلا لأحد مراكزها وهذه الجرأة في الطرح مثلت أولا رسالة لمركز صعدة الحوثي الذي يعد الأكثر ارتباطا وانصياعا لتنفيذ أوامر وأجندة طهران وحينها اعتبر حوثيو صعدة هذا الموقف هجوما عليهم ومؤشرا على ظهور مواقف أخرى تكسر الحاجز وترفض التبعية العمياء لهم، وعقب ذلك تعرض حسن زيد لحملة وتخوين داخلي لإرهاب أي طرف آخر أو مركز حوثي سينضم إلى مباركة ما أعلنه.
 
كان حسن زيد غالبا ما يصدر مواقف من خلال منشورات أو صور على سبيل المثال تكرار نشر صور له بالزي التقليدي للعائلات الهاشمية كتأكيد على أنه ليس طارئا داخل الإمامة الجديدة إضافة إلى أنه كثيرا ما يتغنى بأئمة آل حميد الدين وهو ما يعتبره حوثيو صعدة رسائل مبطنة لهم ومقارنة مزعجة لهم لأن المليشيا تريد ترسيخ دولة الإمامة الجديدة لمؤسسها الصريع حسين بدر الدين الحوثي.
 
ستعمل المليشيا الحوثية بجناحها القادم من صعدة على تصفية كل الوجوه التي مثلت واجهة للإمامة قبل سقوط صنعاء كما أنها لن تتوقف عند أي عائلة أو مركز حوثي كما تنشط حاليا في ضرب المراكز الحوثية ببعضها في لعبة صراع لإطالة تفرد مركز صعدة بالقرار والنفوذ والسلطة والثروة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية