متابعة عالمية لسباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بسبب انعكاسات نتائجها على بقية بلدان العالم، في السياسة والاقتصاد على وجه خاص.
 
كإنسان في العالم المعاصر لا يتعلق الأمر في الاهتمام بالانتخابات الأمريكية بالدور العالمي لهذه الدولة فقط، وإنما أجد متعة في متابعة سباق يعطي للإنسان، فردا ومجتمعا، قيمة عادلة يستحقها لمجرد بشريته، زاد في إيقاد شعلة النزعة الديمقراطية ما نعيشه من مصادرة شبه كاملة لحقوقنا في ظل سيطرة جماعة تسعى لإعادتنا إلى أزمنة "الملك الإله".
 
المتعة الديمقراطية لسكان العصر لم ترها المليشيا الحوثية إلا من باب المتعة الإيرانية في الانتقاص من الأنظمة الديمقراطية، والأمنيات الخارجة على استحياء بفوز مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي جو بايدن.
 
مشاركات مقززة لقيادات وأقلام حوثية تحاول الإيحاء بأن الديمقراطية وعاء سياسي قليل النفع، مستشهدة ببعض أحداث، ليست شيئا مذكورا، رافقت السباق الانتخابي الأمريكي، حتى يخيل لمن لا يعلم أن الجماعة وأسيادها في طهران لا همّ لها ولا شاغل إلا إصلاح مسار الديمقراطيات في العالم وترميم ثغراتها.
 
سأتماهى في مسيرة السخافة لأعتقد أن هؤلاء وساداتهم يريدون من البلدان الديمقراطية أن تستفيد من النموذج "الديمقراطي" لنظام ولاية الفقيه المعزز بقيود دستورية وقانونية ومؤسسية لغربلة إرادة ما يزيد على ثمانين مليون بني آدم بإيران في صحن طائفية مقيتة لـ "أبناء الله" الجدد، لا ترى فرقا بين خياطة عمائمها السوداء وسياسة الدولة. أم لعلهم يطمحون في أن تلقح الديمقراطيات تجاربها بثقافة ملازم الاصطفاء الإلهي، والمسشرفين الذين ليس لهم داخل جماعتهم غير تنفيذ توجيه "علم الهدى".
 
نطمئن كهوف الرجعية والتخلف أن الديمقراطيات، مهما خالطها من شوائب، قادرة على امتصاص أية نتوءات قد تظهر هنا أو هناك، وأتذكر في السياق مقولة كثيرا ما رددها الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح مضمونها أن "لا بديل للديمقراطية إلا المزيد من الديمقراطية"، وهي كما أثبتت تجاربها نظام قادر على معالجة قصوره وأخطائه من داخله.
 
الحزن الإيراني وأذياله على ثغرات ديمقراطية، تشكك في نظرهم بجدوى النظام برمته، مازجه في ذات الوقت قلق وخوف من بقاء ترامب في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية. وللإنصاف فلإيران مصلحة ظاهرة في هكذا موقف نظرا لشدة وطأة العقوبات الأمريكية على نظام ولاية الفقيه في عهد ترامب إثر انسحابه من اتفاق نووي كان أبطاله الديمقراطيون وبمقدمتهم الرئيس الأمريكي السابق أوباما الذي كان بايدن نائبا له.
 
أما بالنسبة للحوثيين فما المصلحة اليمنية في اتخاذ ذات تفاصيل المواقف الإيرانية إن لم تكن العمالة واستمراء تقديم الخدمات بالمجان أو ببقايا الموائد الإيرانية، وهل يتوقع الحوثيون، على سبيل المثال، أن يكون وقف الحرب في اليمن على البنود الأولى في جدول أعمال بايدن؟ أو هل سيتراجع عن قرارات متصلة بالقضية الفلسطينية التي يدعون وأسيادهم مناصرتها، كأن يلغي قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟ ليس في الأمنيات الحوثية سوى البوصلة الإيرانية ومصلحتها أما اليمن واليمنيون فهم عمال سخرة أو عبيد لأجندات نظام الملالي، كما يتصور الذنب الحوثي واهما.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية