تكمل المقاومة الوطنية عامها الثالث على انطلاق عملياتها العسكرية في الساحل الغربي اليمني، مقدمة لنا صورة في المشهد اليمني نحاول التطرق لبعض معالمها بغرض الإسهام في تفسير سرعة ظهورها كرقم من الصعب والإجحاف تجاوزه أو تجاهله لأي سبب كان، لاسيما وقد نالها وقائدها منذ مراحل التكوين الأولى هجوم إعلامي وسياسي مزدوج، من الحوثيين من جانب ومن قوى محسوبة على التيار الجمهوري المناوئ للمليشيا التابعة لإيران من جانب آخر، وفوق هذا بعض الخذلان من مكون سياسي كان الأحرى به توفير الغطاء السياسي لها كقوة عسكرية.
 
مع البدايات، كان مقدرا للعميد طارق صالح وثلة من رفاقه القدامى والمشاركين في ثورة الثاني من ديسمبر أن يسابقوا الزمن في إعادة لملمة الصفوف وتشكيل قوة عسكرية تكفل استمرار ثورة ديسمبر وتسهم في استعادة الدولة والجمهورية، فكانت عدن حاضنة القوة الجنينية، متغاضية عن حملات التشكيك والاتهام لطارق صالح بمسعاه لاحتلال المدينة، وما هي إلى أشهر قليلة حتى شاركت عدد من الكتائب تحت مسمى حراس الجمهورية في معركة تحرير محافظة الحديدة، واستطاعت بفاعلية وسرعة أن تحرر مناطق استراتيجية وتصل إلى مدينة الحديدة مع رفاق السلاح في ألوية العمالقة والألوية التهامية. 
 
وقتها كان على قيادة المقاومة أن تدير على المستوى العسكري عملياتها الخاصة، ومواصلة البناء، وبذات الحين علاقاتها مع الشركاء في العمالقة والتهامية، ونجحت بتفاعل وعي قيادات المكونات الثلاثة في خلق نموذج متميز من التنسيق حتى الوصول إلى قياد مشتركة تدرك الطبيعة الوطنية للمعركة ضد الحوثيين والنفوذ الفارسي.
 
بما يشبه الالتفاف السياسي على الانتصارات العسكرية الميدانية وكبحها، سارعت قوى مدرجة في الصف الوطني مستظلة بمظلة الشرعية إلى إبرام اتفاق ستوكهولم، ليضع المقاومة الوطنية وقيادتها أمام مشكلة سياسية جدية تتعلق بإدارة صلاتها مع السلطة الشرعية المتأثرة بإحاطة أطراف سياسية بقرارها، بالإضافة إلى التعامل مع حملات تشابه ما تعرضت له المقاومة الوطنية في بذرتها بعدن، وتعمل على تصوير المقاومة كمحتل للأرض التهامية دون أن تلقي بالا لدستور والقوانين الوطنية تعطي الحق لكل يمني في التواجد بأي مكان على الأرض اليمنية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، حاولت تلك الحملات الصغيرة في أجنداتها زرع الفرقة بين تكوينات القوات المشتركة، إلا أنها فشلت في كل ذلك على صخرة وعي قيادة المقاومة الوطنية، وإدراكها أن نهر الوطن أوسع وأكبر وأهم من الجداول الجانبية، وزاد موقف المقاومة رسوخا قدر الوعي الذي أظهره سكان وأبناء الساحل الغربي التهامي بأهداف تلك الحملات التي تقوض الصف الوطني وتخدم الحوثيين، إن قدر لها النجاح.
 
واصلت قيادة المقاومة عملية بناء قوة نظامية حديثة، كما ونوعا، في الناحية العسكرية على البر، وأعادت في البحر بناء قوات خفر السواحل بقطاع البحر الأحمر، كما انخرطت بنشاط في تطبيع الحياة في مناطق الساحل الغربي المحررة فشاركت بفاعلية في بناء قوات أمنية ومكنت السلطات المحلية والمكاتب التنفيذية من العودة للعمل وممارسة صلاحياتها، وفي مواجهة ضعف الموارد ودعم السلطات العليا، قامت المقاومة الوطنية بإسناد العمليات التنموية والإغاثية والإنسانية بشكل غير مباشر عبر السلطات المحلية، وبشكل مباشر في تمويل مشاريع ذات أهمية أساسية للمواطنين.
 
إلى جانب الأداء العسكري في إجهاض الخروقات الحوثية المستمرة لهدنة ستوكهولم بالساحل مع رفاق السلاح في المشتركة، والإسهامات التنموية والخدمية والإنسانية وتطبيع الحياة، اتخذت المقاومة الوطنية خطوة مفصلية في مسارها النضالي تمثلت في تشكيل مجلسها السياسي، كرافعة تغطي الخذلان السياسي الذي عانته، وتحرك جمود الوضع السياسي، وتحفظ لتضحيات المقاتلين مكانا مستحقا في أي مشهد سياسي قادم، لتتمم بخطوتها الجديدة النموذج المتقدم  الذي رسمت به المقاومة الوطنية في الساحل الغربي لوحة مصغرة للوحة الدولة الوطنية الجمهورية المنشودة على جميع التراب اليمني.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية