عندما يشتد الحر، ربما قلة هم الذين يتذكرون أن وراء الهواء البارد الذي ينعش الأجواء ويساعد على أداء الأعمال والراحة، مخترع بذل جهده وطاقته لكي يمنح للبشرية هذا الاختراع الكبير.

 

وقصة مكيف الهواء بطلها الأميركي ويليس كارير ولولاه لما كانت الحياة بمثل ما هي عليه اليوم، من تحقيق المزيد من المنجزات لاسيما في البلدان الصحراوية والحارة لكن أبعد من ذلك في انعكاس هذا الاختراع على الاقتصاد والصناعة في العالم.

 

ولد المهندس كارير في 26 نوفمبر 1876، في حي أنغولا السكني بمقاطعة إيري في ولاية نيويورك، وحصل على درجة الهندسة من جامعة كورنيل في عام 1901 وبدأ حياته العملية في شركة Buffalo Forge في نفس عام التخرج.

 

الضباب وقصة الاختراع

في العام 1902 بعد عام من تخرجه كان كارير قد صمم أول نظام حديث لتكييف الهواء، وهو الاختراع الذي سوف يتطور فيما بعد ليشغل العالم أجمع، ولا يستغنى عنه من أحد.

 

وقد جاء الإيحاء بهذا الاختراع من خلال منصة القطارات في مدينة بيتسبرغ، حيث كان كارير ينتظر القطار هناك ذات مساء من عام 1902 ولاحظ كمية الضباب الكثيف، وفكر أنه يمكن تقليله من خلال تجفيف الهواء بتمريره في الماء.

 

وبمجرد أن ركب القطار فقد اختمرت لديه فكرة بأنه يمكن السيطرة على الحرارة والرطوبة، وهذا ما قاده لاختراع المكيف، بأن يكون شغله الشاغل كيفية التحكم في رطوبة الجو.

 

وفي غضون السنة كان قد أكمل اختراعه الذي قام على فكرة التحكم بالهواء من خلال كمية معينة من الرطوبة فيه، وقد كان هذا الاختراع الأولي اللبنة التي قامت عليها أجهزة التكييف الحديثة.

 

التطوير والتوسع

في عام 1911 تطور كارير من نظام أجهزة الضغط في التبريد وطور اختراعه، وفي عام 1915 كان قد أسس شركة كارير التي تعمل في أجهزة التبريد.

 

وقد حصل نتيجة هذه الجهود على دكتوراه فخرية من جامعة ليهاي سنة 1935 وكذلك من جامعة ألفريد عام 1942.

 

وقد توفي في نيويورك في 7 أكتوبر 1950 وأدرج اسمه في القاعة الوطنية الأميركية للمخترعين ضمن الأسماء الشهيرة التي قدمت مخترعات مفيدة للبشرية، وذلك في عام 1985.

 

وفي عام 1998 اختارته مجلة التايم ضمن أكثر مئة شخصية مؤثرة في القرن العشرين.

 

درس التفاحة والكسور

من الجوانب المثيرة للانتباه في حياة كارير أنه عانى في طفولته من مشاكل مع الرياضيات، فهذا الرجل الذي قاد الاختراع الذي مكّن من السيطرة على البيئات الداخلية للمباني، لم يكن كطفل قادر على استيعاب مفهوم الكسور.

 

ولحل هذه المشكلة كانت والدته تقوم بتقطيع التفاح إلى أجزاء حتى تستطيع أن تقرّب له هذا المفهوم، وكيف يتعامل مع الكسور جمعًا وطرحًا.

 

وقد قال لاحقًا بأن ذلك كان أهم الدروس التي تعلمها على الإطلاق، وأنه علّمه قيمة حل المشاكل بأسلوب ذكي.

 

ازدهار الصناعة

أدى اختراع كارير للمكيف إلى ازدهار الاقتصاد والصناعات، بحيث غيّر في العديد من الظروف المطلوبة للتصنيع والتطوير في مجالات الحياة المختلفة.

 

واستطاع "أب مكيف الهواء" أن يقود البشرية إلى فجر جديد، بهذا التطور الكبير في الصناعات، من السلع المخبوزة إلى الصناعة المتقدمة، وحيث مكّن هذا التحكم الدقيق في درجة الحرارة والرطوبة مراكز التسوق وأجهزة الكمبيوتر والخوادم التي تشغل الإنترنت اليوم من العمل بكفاءة.

 

إرث كارير

منذ وقت مبكر فقد اعترف ويليس كارير بأن متطلبات المناخ والراحة والإنتاج سوف تحدد قيمة تكييف الهواء، وكان قد بدأ بموزعين محليين ثم طوّر شبكته لتشمل أوروبا وآسيا وعبر الحدود إلى كافة العالم.

 

ويعيش إرث ويليس كاريير اليوم مع استمرار الشركة التي أسسها في إعادة ابتكار الصناعة وتشكيل العالم الذي نعيش فيه.

 

وقد استطاع كارير أن يقود هذه الصناعة بمنتجات وممارسات تصنيع موفرة للطاقة انبثقت من مجرد تكييف الهواء كهدف أولي إلى كافة الابتكارات الجديدة، وكلها مبنية على كفاءة الطاقة والاستدامة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية