يحظى المعلمون في كل أنحاء العالم بكثير من التبجيل والتقدير في اليوم العالمي للمعلم الذي يوافق 5 أكتوبر من كل عام نظير جهودهم المبذولة في تهيئة وتعليم جيل المستقبل. بخلاف معلمي العالم المزهووين لما يجدونه من حفاوة رسمية في دولهم، يعيش المعلمون في اليمن واقعا مختلفا تماما لما يلاقونه من مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، خاصة قطع رواتبهم منذ نحو 6 سنوات قاسوا فيها الأمرين إلى درجة لجوء بعضهم إلى الانتحار كحل وحيد للخلاص من أعباء الحياة وإعياء السنوات. ويتعرض المعلمون في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية لإنتهاكات جسيمة منذ سيطرة المليشيا على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م؛ لكن أكثر ما قهرهم هو قطع رواتبهم وجعلهم لُقمًا سائغةً للفقر والجوع وأعباء الحياة في ظل وضع معيشي صعب على جميع اليمنيين بلا استثناء. وتعمدت المليشيا الحوثية التوغل في جانب التعليم منذ للوهلة الأولى لسيطرتها على مقاليد الأمور شمالًا، إذ عينت شقيق زعيمها المدعو يحيى بدر الدين الحوثي وزيرا للتربية والتعليم في حكومتها غير المعترف بها دوليا وذلك لضمان تنفيذ مخطط تدمير النظام التعليمي في البلاد، وتسييس العملية التعليمية لنشر افكارها المذهبية والطائفية. وأقصت المليشيا الحوثية المئات من الكوادر التعليمية واستبدلتها بأفراد تابعين لها لا يحملون حتى مؤهل الثانوية العامة، حيث تم اختيارهم لهذه المهمة بناء على "اختبارات الولاء" لزعيمها ومشروعها المدمر. ولم تكتف المليشيا بذلك بل أرغمت جميع المعلمين والمعلمات على التدريس والدوام في مدارسهم الحكومية رغم مصادرتها لرواتبهم منذ سنوات، وهددت من يتغيب أو يحاول التدريس بمدارس خاصة أو حتى يضع بديلا عنه بسحب الدرجة الوظيفية منه نهائيًا، حتى أصبح كثير من المعلمين يؤدون وظائفهم قسرًا بينما يقلون الدروس على الطلاب ببطونٍ خاوية. وقضت المليشيا بفرض غرامات مالية على أي مدرسة خاصة أو أهلية تسمح لأي معلم في مدرسة حكومية بالعمل عندها، والتهديد بإغلاق هذه المدارس نهائياً، رغم أنها -أي المدارس الخاصة- كانت تقدم مبالغ مالية زهيدة للمدرسين القادمين من المدارس الحكومية تسعفهم قليلًا في تدبير شؤون معيشتهم لأيام. ويحاول المعلمون البحث عن بدائل أخرى لسد رمقهم ولتوفير متطلبات الحياه من خلال طباعة ملازم للمواد التي يدرسونها ويقومون ببيعها للطلاب بفارق سعر بسيط خاصة بعد احتكار الكتب المدرسية من قبل المليشيا الحوثية وبيعها للمدارس الخاصة بمبالغ مالية كبيرة. يقول الأستاذ (م.ع) ل "2 ديسمبر"، أشعر بالحرج وانا أجمع تلك الريالات من الطلاب، بعد أن كانت لي مكانتي الرفيعة أتسلم راتبي نهاية كل شهر كأي موظف يعمل في ظل نظام للدولة، أما اليوم بسبب المليشيا الحوثية وصلنا الى هذه المرحلة ولم تصبح لنا قيمة في هذا الوضع المظلم والمزرئ. وتمعن المليشيا في التقليل شأن المعلمين والتعالي عليهم ، حيث اُعتدي على الكثير من المعلمين، أبرزهم المعلم فيضل الريمي الذي تعرض للضرب المبرح من قبل مشرف حوثي بأحد المدارس في منطقة السبعين وسط صنعاء حتى فارق الحياة، حيث برر المشرف الحوثي فعله المشين بأن المعلم قام بمعاقبة ابنه. وتعرضت إحدى مدرسات مادة التربية الإسلامية بمدرسة شهداء الجوية في بني الحارث، للتحقيق بعد أن سألتها طالبة حوثية عن مصير صرعى المليشيا منتظرة منها الإجابة بأنهم "شهداء"، فأجابتها المعلمة بقولها: "الله أعلم"، على إثر ذلك وفي اليوم التالي مباشرة، داهم المسلحون الحوثيون المدرسة بالتعاون مع مديرة المدرسة "ريم المحويتي" للتحقيق مع تلك المعلمة، بل وصل الأمر إلى التحقيق مع الطالبات وتهديدهن باعتقال أهاليهن وسجنهم. وفي ال 8 أبريل2019، أقدمت مليشيا الحوثي على قطع أصبع الإبهام لوالد المعلمة "ناهد الفودعي"، بعد اختطافه وتعذيبه على خلفية رفض ابنته (المعلمة) لإملاءات المليشيا واتهامها بالتحريض ضدهم، وقد تم استدعاء جميع مدرسات مدرسة حليمة السعدية بالحصبة وسط العاصمة صنعاء للحضور إلى منطقة الثورة التعليمية للتحقيق معهن إثر تهمة التحريض التي اتهمت بها المليشيات تلك المعلمة. وخلال 2019 قتلت مليشيا الحوثي في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء - وحدهما - 53 معلماً بينها 7 حالات وفاة تحت التعذيب، 579 حالة اعتداء جسدي، وتهديد، و10 أحكام بإعدام مدراء مدارس ومدرسين وطلاب، و898 حالة اختطاف شملت مدراء مدارس وموجهين ومدرسين وطلبة، و127 حالة للإخفاء القسري. كما تعرض 294 معلماً للتعذيب الوحشي في معتقلات المليشيا، و6522 حالة نهب للمرتبات والمساعدات الإغاثية، و10351 حالة فصل وظيفي، و75 حالة اعتداء على وقفات احتجاجية سلمية للمعلمين، و13997حالة تهجير معلمين. ويؤكد تقرير نقابة المعلمين الذي أورد هذه الإحصاءات، أن مليشيا الحوثي أجبرت المعلمين على حضور 4168 فعالية ونشاط ودورة ثقافية أقامتها خلال 2019، في المدارس، وأن من تخلف عن هذه الفعاليات تم فصله. وخلال أربع سنوات من الحرب، قتلت المليشيا الحوثية أكثر من 1500 معلم ومعلمة وأصابت قرابة 2400 من العاملين في القطاع التعليمي بإصابات نارية مختلفة، نتج عن بعضها إعاقات مستدامة، فيما أخفت قسريّاً 32 معلّم بعد أن اختطفتهم من منازلهم ومدارسهم، ولا يعرف عن مصيرهم شيئًا حتى الآن، في حين توفي 10 معلمّين تحت التعذيب في سجون الحوثيين، وفقاً لإحصائية سابقة للنقابة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية