شاهدنا جميعًا صورًا تشقُّ الذات وتطعن الفؤاد من داخل "جامع الصالح" في العاصمة صنعاء.
 
المعنى العام يقول إن هناك راجع ماء غزير يتدفق من قبابه وسقفه للداخل.
 
هذه الصورة التي يريدون إيصالها بكل استخفاف، لكن يبقى خلفها السؤال الأهم وما هو خلف السطور:
كيف تدفقت كل هذه المياه والجامع أنشىء وتم تصميمه على أعلى المستويات تحت إشراف أفضل المهندسين والمخططين المعماريين من داخل اليمن وخارجها؟
 
تعالوا للإجابة الحقيقية والصادمة للسؤال:
هناك أعمال جرت وتجري فوق قِبابه وسقفه من قِبل الحوثي.
ما هو هدفها؟
هدفها تدميره وتدمير مناراته على مراحل وربما يريدونه أن يبقى بمنارة واحدة (حسينية كربلائية) ومن ثم تسويته بالأرض.
أما خلفيات هذا العمل الساقط، المنحرف في السلوك والغاية؛ فيعود لكرههم المريض والعنصري لليمن ولاسم وتاريخ الزعيم علي عبدالله صالح ومحبة الناس له وحنينهم لعهده ومنجزاته التي كان جامع الصالح أحدها، موثِّقًا لتاريخ دولة عربية وإسلامية حيّة وخالدة، مؤمنة وحضارية، متعايشة ومسالمة.
 
الجامع بناه الشهيد الصالح بيتًا لله يقصده المؤمنون والدارسون والباحثون.
وجاءت أوباش الحوثية لتتعامل معه أوقح مما تتعامل مع بيوت الناس التي نهبتها وحوّلتها لسجون سرية وتصرّفت بها كلها دون أي اعتبار للحقوق والقانون الوطني والدولي.
 
المهم يبدو أن "جامع الصالح" ظل هاجسًا يؤرق الحرس الثوري وجماعة الطيرمانات ونطفة الزيف الحوثية السلالية، التي تنظر لكل صرح يمني كمكان معادٍ وشوكة في حلوق هؤلاء الطغاة الذين أثبتوا كراهيتهم لكل شيء جميل في هذا البلد.
 
جامع "الصالح" وبدون أي مبالغة مثّل لليمنيين منارة ومكاناً للعبادة والصلاة والدروس والروحانية والاستجمام.
وحينما أشاهد الأماكن التي كنت أنا وأولادي وأصحابي نصلي فيها كل يوم جمعة وعيد، داخل ذلك الفردوس والتُّحفة، وقد صارت اليوم بتلك الحالة المزرية التي ظهرت بها من خلال الصور، أشعر بمرارة الدهر كله وقهره.
وأجزم هنا أن الحوثية تجاوزت جرائم قطعان هولاكو التي اجتاحت بغداد وسفكت الدماء وهجّرت وأحرقت المكتبات والتاريخ الإسلامي؛ لكنها بعد ذلك دخلت في دين الله أفواجًا، بينما الحوثية التي تدمر بلدنا اليوم ومآثره تخرج في وضح النهار من الدين والأعراف وتنتهك كل حرمة ومقدس بأفعالها وجرائمها مع قدر كبير من الإفك والوقاحة والاستهتار بعقل الشعب الذي تزدريه وتحاول إهانته وتعذيبه وهي تدمر الأخضر واليابس فيه،
لا يأخذها في أي شيء إلّاً ولا ذمة ولا تستند لأي مبرر لقبحها وسوء وبشاعة أفعالها، سوى الحقد على الوطن أرضًا وإنسانًا وتاريخًا ورموزًا، ماضيًا ومستقبلًا.
 
أعتقد أن "جامع الصالح" قلعة إيمانية وصرح معماري ووهج حضاري ومنبر ديني علينا أن ندافع عنه كما ندافع عن الحرية المقدسة ومعبد الشمس وعرش بلقيس وبراقش ورسالة الوسطية والتسامح ومكتبة الجامع الكبير والمتحفين الوطني والحربي وتمثال ذمار علي.
 
إلى هنا، أكتفي وأختتم بهذه الجُملة التي تختصرُ الكثير.
#جامع_الصالح

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية