أربعون عامًا على تأسيس المؤتمر الشعبي العام، رافعةُ العمل السياسي والتنظيمي في اليمن، يحتفل اليمنيون بهذا العيد ليس لأنه خاص بحزب؛ بل كونه فاتحةً للديمقراطية والتعددية التي اقترنت بالوحدة اليمنية، أهم منجزات المؤتمر منذ تأسيسه في الرابع والعشرين من أغسطس سنة 1982.
 
يدشِّن المؤتمريون بهذا الاحتفال مرحلة جديدة في ظل المتغيرات السياسية في الدولة؛ لكن الهدف الأسمى يبقى توجيه البوصلة والحراك العام نحو استعادة الجمهورية وإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة في العاصمة صنعاء والمحافظات التي تحتلها.
 
بأبجديات ونهج الميثاق الوطني- الدليل النظري والفكري له يمضي هذا الحزب العريق مواصلًا كفاحه المدني متسلحًا بمبادئ لا تخرجه عن إطار الهُوية اليمنية كمرتكزٍ يؤكد عليها المؤتمر في مختلف المنعطفات التي عايشها سواء كحزب حاكم أو معارض.
 
لا ترتبط الجماهير العريضة بكل هذا الزخم، بكيان إلا وسجاياه محمودة وملموسة؛ فالمؤتمر ذلك الذي أرسى مداميك الدولة بعد فترة عصيبة عاشتها البلاد منذ انتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام ألف وتسعمائة واثنين وستين، وشكّل تأسيسه فرصة سانحة لبدء تكوين الدولة بأسسها العصرية؛ فبناء فكر الإنسان مهمة أولتها قيادة المؤتمر جل اهتمامها من خلال السير في خط التنمية الشاملة المقرونة باستتباب الأمن، إذ إن الحزب الذي يتحمل أمانة الحكم يسهر على تحقيق تطلعات الشعب وفقًا للإمكانيات المتاحة وهو ما كان طيلة ثلاثة عقود مضت.
 
وبقدر المسؤولية التي حملها المؤتمر، فإنه بذات الوقت أفسح المجال واسعًا وهو في أعلى هرم السلطة لجميع القوى والفعاليات السياسية لأن تكون شريكة في الحكم مشاركة في صنع القرار، علاوة على إعطائها الحرية في المعارضة خلال فترة ذهبية نتوق لمثلها.
 
تركزت فترة حكم المؤتمر الشعبي العام لليمن برئاسة الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، بالنصح واللين ومعالجة القضايا بالسِّلم تارة والقوة متى طلبت الحاجة؛ فالنهج الديمقراطي المتبع في البدء جعل الحزب الحكم بعيدًا عن المزاجية، وهو ما يؤكده عديد الدورات الانتخابية التي جرت منذ 1993 حتى 2006، بين انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية في أجواء ملأتها المنافسة وأوشكت أن تبدأ تأسيس نضج سياسي وديمقراطي لولا الحماقات التي جرّت البعض إلى تفتيت هذه المفاهيم والاحتكام للفوضى.
 
والوطن يتعرض لنهش طائفي إيراني عبر الأداة الحوثية، قدّم المؤتمر نموذجًا للتضحية في الثاني من ديسمبر 2017، وأن يتقدم الصفوف القائد المؤسس الزعيم علي عبدالله صالح  والأمين العام عارف الزوكا ويقدما روحيهما في سبيل الجمهورية؛ فهذه مكرمة ووسام فخر للمؤتمر سبق بها الجميع، وليس ذلك غريبًا عليه فالتضحية ديدنه.
 
الذكرى الأربعون للمارد المؤتمري مطالبة صادقة من القاعدة الشعبية لكافة القيادات إلى التلاحم والعودة لتصدر المشهد جنبا إلى جنب مع مختلف القوى الوطنية، وهي بذات الوقت مطالب السواد الأعظم من الشعب الذين عرفوا المؤتمر حزب الإنصاف والموقف الراجح.
 
أربعون عامًا والحجج تبين انتماء هذا التنظيم للتربة الوطنية؛ فلم يكن حزب سلطة ليفنى ولا ملجأ أسرة كما ادعى من أسقط البلد، هو ذاك النبيل الذي يضم الجميع ويقبل توبة المستغفرين في بيت ما زال يحن لسلام الشجعان ويسعى لتحقيقه أكثر من أي وقت مضى.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية