بعيدًا عن عنترياته وخطابه الإعلامي الزائف، يعمل نظام الملالي في إيران جاهدًا للتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية التي دأب على تسميتها "الشيطان الأكبر".
 
بدا هذا التوجه جليًا منذ الأسابيع الأولى لإدارة بايدن؛ فبينما تعكف الأخيرة على صياغة سياسة إيران الجديدة، سعى المرشد الإيراني والحاكم الفعلي لنظام الملالي إلى إظهار مرونة بلاده عبر الإعلان عن تخفيف حدة التوتر بشكل مؤقت، والتودد إلى بايدن من خلال إمكانية عودة طهران إلى الاتفاق النووي، رغم خشيتها من أن تعزز التطورات السائدة نقاط ضعفها التي انكشفت على الملأ في ضوء الهجوم الأمريكي على قاسم سليماني.
 
وفي ضوء المستجدات الأخيرة، ضاعف النظام الإيراني جهوده في هذا المسار، محاولًا الاستفادة من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وقرار "أوبك بلس" تخفيض إنتاج النفط ومخاوف إدارة بايدن من انعكاسات ذلك سلبًا عليها، وهي التي لم تكن تتمنى مثل هذا السيناريو مع اقتراب الانتخابات النصفية.
 
مخاوف إدارة بايدن الناجمة عن قراءة خاطئة لموقف المملكة العربية السعودية ودول أوبك من قرار تخفيض الإنتاج، شكلت بيئة ملائمة لتحركات ملالي طهران من خلال تقديم نفسها ورقة رابحة بيد إدارة بايدن وأن تكون البديل لسوق المشتقات النفطية، وبأسعار زهيدة.
 
التوصل المفاجئ إلى الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، رغم تعثره على مدى عامين، لم يكن ميولًا من دون دليل، بقدر ما يأتي في سياق التقارب بين ملالي طهران وإدارة بايدن.
 
ومن الواضح أن الاتفاق كان بين إيران وإسرائيل أكثر مما هو بين لبنان وإسرائيل، لا سيما أن نتائجه بدأت تظهر في طهران.
 
بل إن ثمة نتائج، كما لو أنها بوادر حسن النية، كانت قد سبقت التوقيع، حيث شاهد العالم كيف تم إطلاق سراح معتقلين أمريكيين لدى إيران، كما برز حديث حول نية واشنطن الإفراج عن حسابات مصرفية محتحزة للنظام الإيراني.
 
وهناك أيضًا معلومات تناقلتها وسائل إعلام أمريكية عن إعطاء ضوء أخضر لإيران لتصدير مزيد من نفطها إلى الخارج، بجانب اتفاقية بين طهران والحكومة اللبنانية لتصدير النفط إلى بيروت.
 
كل هذه المعطيات تفيد بأن الاتفاق أُبرم هناك (مع طهران). 
 
وما يهم طهران في الوقت الراهن، أكثر من الملف النووي، هو احتواء الانتفاضة الشعبية المتصاعدة وكذلك تعزيز نفوذها خارج حدودها الجغرافية من خلال أدواتها في العراق ولبنان واليمن.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية