ذات يوم قلت لكم هذا آخر الرؤساء اليمنيين الذين يشبهون الشعب وهوية اليمنيين.. بعيدًا عن قناعات المؤذلجين والعداوات المبنية على مصالح السلطة، الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، كان آخر الأسس الجمهورية ذات الملامح المعبرة عن شكل الناس وأفكارهم وقناعاتهم وتوجهاتهم المختلفة، هوية الناس والجغرافيا والتاريخ، الهوية القادمة من عمق النضالات اليمنية الخالدة، عن رجال وصلوا للسلطة من أوساط الشعب، بلا مبررات دينية وبلا معايير مناطقية. 
 
كان يتحدث دائمًا عن الدولة بصفتها الشعب، وقرار الشعب، وجمهورية الشعب، وحريات الشعب، وأشكال الشعب، وخبز الشعب، وحياة الشعب، ومساواة الشعب، وفرص الشعب، كان يتحدث بلغتنا ولهجتنا وعباراتنا غير المرتبة، ولطالما ذكرنا بسيف بن ذي يزن، وبإرث حمير وقحطان والعظيمة سبأ، كان يمنيًا يصلي بلا مذاهب معينة ويتقدم الناس بلا عوازل عالية ويخاطب الجميع بلا عبارات دينية ممنهجة، كانت السلطة بيديه ممكنة للجميع، والانتخابات قائمة للجميع، وفرص الحياة متاحة للجميع، كان صوتًا عن اليمنيين في أحزانهم، وقلبًا عن الأيتام في أوجاعهم، وقائدًا عن الملايين في حياتهم وخدماتهم، كان هوية واحدة، هوية يعرفها الناس ويمارسونها في حياتهم وتفاصيلها المختلفة. 
 
واليوم ماذا؟!
من يعلم؟
ربما لا أحد! 
 
لقد صرنا نتملق حرياتنا وحقوقنا، ونحذّر بعضنا من باص أسود يخيف المطالبين بحقوق النساء وحقوق العاطلين، لقد وقعنا في فخ التفريط بهويتنا، وصرنا نتباهى بها كأحلام وأمنيات بعد أن أدركنا زوالها، لقد أنهكنا الزمان، وفيه تغيرت أشكالنا وأولوياتنا، وبقيت في خيالاتنا ذكريات مغرية عن الشكل اليمني الذي كان يشبهنا، خيال الحرية والدولة والعيش الكريم، خيال علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني الذي قال عن نفسه دائمًا: أنا ابن ذي يزن، روح الإخاء وهذه الشيم.. لصلاتها في أرضنا حرم.. وعلى المحبة نبتني وطنًا.. بكرامة الإنسان يعتصم.. يمن الشموخ ومطلع الفجر.. لصباح يوم خالد الذكر.. حُييت من وطن بوحدته.. تَوجت هذا المجد بالفخر.. الله أكبر ملء ساحتنا وعلى الأكف علامة النصر.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية