يبدو أن العالم مُصرٌّ على عدم استقرار اليمن وجعله منطقة صراع متواصل، بالإبقاء على أذرع إيران (الحوثيين) أتباع مشروع ولاية الفقية، وخرافة الولاية، وتكرار نسخة لبنان والعراق في اليمن، الفاشلتين والعاجزتين حتى اليوم في بناء دولة
 
الأحلام الوردية التي يرسمها المجتمع الدولي بقيادة أميركا وبريطانيا لليمنيين ببقاء مليشيا الحوثي، وهم وخطأ كبير لن يتجرع مرارته إلا اليمنيون؛ فلا يمكن الربط أو الجمع بين خرافة الولاية وبين الدستور الذي لا يعترف سوى بالمساواة والعدالة، بينما خرافة الولاية ترتكز على الاصطفاء الإلهي لسلالة معينة، فالحاكم لا يختاره الناس؛ بل فرضه الله من السلالة الهاشمية، يمثلها حاليًا المدعو عبدالملك بدر الدين خلفًا لأخيه الهالك حسين؛ لذا لا يمكن أن تقبل المليشيا بالقفز أو التعدي على تراتبيتها الأساسية في فكرها الصفوي الذي يتمثل في المرشد الأعلى قمة الهرم.
 
الجميع يرى كيف تطحن لبنان الأزمات، والعجز عن إجراء أي انتخابات حرة واختيار رئيس قوي يملك قراره دون تدخل حزب الله، وهو الحال ذاته في العراق، وكل ذلك يعود لمليشيات وأذرع إيران التي لا تمثل الشعب وإنما تمتلك السلاح، وتغتصب القرار.
 
ولكي لا نذهب بعيدًا، لنا في طريقة حكم مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها النموذج الأوضح والأقرب لنا كيمنيين، حيث السلطة والنفوذ محصوران بين من يرون أنفسهم "أبناء الله"، اصطفاهم على الناس وملّكهم عليهم.. أيضًا نموذج ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الحوثي ليس إلا مسمى شكلي تقتصر أعماله على الاجتماعات الصورية وتنفيذ قرارات زعيم المليشيا الكاهن عبدالملك الحوثي، والتي يتلقاها من المرشد الإيراني، كما أن هذا المجلس في الحوثي إيراني، لا يقبل بالانتخابات، رغم ادعائه الشراكة المزعومة مع بعض القوى الحزبية المتبقية والقابعة تحت سلطة سلاحها، والتي تظهر مجرد كومبارس في المسرحية الهزلية الحوثية.. وهذا النموذج خلّف كل هذا الفساد والفشل والخراب. 
 
عندما نشكك في مصداقية كل ما يقوله الحوثي، فهذا نابع من تجارب عديدة لا يمكن الفصل بينها وبين الأسس والمبادئ التي أُنشئت هذه العصابة عليها وهو الفكر الصفوي- خرافة الولاية- التي تدرّسها في جميع ملازمها وعبر وسائلها الإعلامية. 
 
جماعة كهنوتية كهذه، استخدمت كل الأسلحة والأساليب لتدمير الوطن وجرّ شعبه إلى الموت من أجل تثبيت أفكارها القائمة على أحقيتها في الحكم ومبدأ الولاية، وإرغام الناس على اعتناقها؛ كيف لها فجأة أن تقبل باللجوء إلى الصندوق والانتخابات وتلتزم بالقانون والدستور الذي هو في الأساس نقيض لأفكارها ومعتقداتها؟!
 
لقد جاء الدستور اليمني بهدف الانتقال بالشعب إلى مرحلة حكم نفسه، واختيار من يحكمه رئيسًا ويمثله برلمانيًا ويدير شؤونه محليًا، وهي مرحلة متقدمة من العمل الديمقراطي والسياسي في البلاد عطلتها أدوات إيران سواء في اليمن أو لبنان والعراق. 
 
الاحتكام إلى الصندوق حلم وطموح شعبي، وهو حق من حقوق الشعب؛ ولكن عندما يتحدث عنه أحفاد السلالة الذين لا يؤمنون به، فهو بالتأكيد خداع ولعبة من ألاعيب قديمة جديدة لهذه العصابة التي ليست سوى أداة لمشروع طويل المدى، متصل بأسلافهم عبر التاريخ، الممتلئ بالشواهد على ذلك، وارتبط مؤخرًا بالمشروع الإيراني منذ انقلاب الخميني في إيران في 1978، وخرافة الولاية والخليج الفارسي، وغيرها مما يؤكدها قادة المليشيا في تصريحاتهم وخطاباتهم ودروسهم الموثقة.
 
الانتخابات التي يتحدث عنها الحوثيون هي نسخة من الانتخابات الصورية الإيرانية، التي يتنافس فيها مرشحون يعتمدهم المرشد الأعلى، وتتكون عنها حكومة تنفذ قراراته وتعليماته، كما ألا سلطة لها ولا لسواها على الحرس الثوري المرتبط بالمرشد كذلك، انتخابات في ظاهرها الديمقراطية وفي باطنها دكتاتورية كهنوتية.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية