في الواقع لن أكونَ مبالغاً إذا قلت: إنّ ظهورَ المكتب السياسي للمقاومة الوطنية هو الملمح الأصدق والعنوان الأبرز من بين كل الملامح والعناوين السياسية القائمة، السابقة واللاحقة، لأكثر من سبب: 
 
الأول: إن هذا الكيان تأسس كرد فعل مباشر لجناية كبرى تعتمل على الساحة اليمنية، وهي الجناية الحوثية تجاه الشعب اليمني، بمعنى أنه ولد مرتبطاً بقضية وطنية مصيرية كبرى، على تربة اليمن ومن داخلها، بأهداف وطنية خالصة، يستمد وجوده، ويحدد أهدافه من عنوانه الأبرز "المقاومة الوطنية"، وهي قضية الحاضر والمستقبل أيضاً؛ بل وقضية القضايا في الواقع. 
 
الثاني: هذا المكون يجمع أرقى نخبة سياسية وثقافية أقيالية على الساحة الوطنية، نعرفهم جميعاً، وجلهم ذوو تاريخ وطني مشرف وأصيل، ولم تتلوث يده أو سمعته يوماً ما بشوائب الحسابات السياسية الضيقة في فترات الصراعات السياسية السابقة، وحتى الآن لم يدخل في عملية صفقات مشبوهة مع طرف، وهي المثلبة التي وقعت فيها كل التيارات والجماعات والأحزاب السياسية سابقاً بلا استثناء، وكان ما كان. 
 
الثالث: جميع وجوه قُمرة القيادة فيه جديدة وشابة، صحيح أنها غير منبتة الصلة عن أي مشهد سياسي سابق؛ لكنها لم تكن صانعة له بأي حال من الأحوال، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي نفسه، وأيضاً البرلمانيون، وأصبحت الآن فاعلة بصورة مباشرة عبر هذا المكون. وثمة ملمحان اثنان يميزان قيادة هذا المكون: 
أحدهما نضج التجربة السياسية على قصرها، باعتبارها مكوناً ولد من رحم الأحداث وإلى وجه الأعاصير، بصورة مباشرة، وبالتالي فهو قادر على مواجهة أعتى المواقف السياسية عن تجربة عملية ورؤية سياسية، وسيجيد ترتيب أولوياته بسلاسة وخبرة، والآخر هو تخفف قيادة هذا المكون من أية أيديولوجيات حدية سابقة، كتلك التي كانت تتعاطى مع الآخر وفق محددات ضيقة مرسومة سلفاً، وقد استطاع هذا المكون الجديد من لحظاته الأولى استقطاب الشخصيات الشبابية الثقافية والسياسية النابهة، وجميعها شخصيات تنتمي للمستقبل، بأهداف مدروسة وأولويات مرتبة. وهي قيادات مستنيرة استطاعت التأثير على قطاع اجتماعي واسع على الصعيد الشعبي، فهذا المكون ليس نخبوياً فوقياً فقط؛ لكنه شعبي أيضاً يرتكز على قاعدة اجتماعية وشعبية واسعة من الناس. 
 
الرابع: خلال سنتين فقط استطاع هذا المكون تحقيق إنجازات عملية ميدانية على أرض الواقع تفوق ما كان متوقعاً، رغم الظروف الاستثنائية القاسية؛ وشعاره يد تبني ويد تدافع. وهو ما لم نره عند كل المكونات الأخرى التي تُعتبر أحسن حالاً منه من الناحية المالية. وهي إنجازات ضخمة وعملاقة، متمثلة في بناء المدن السكنية وإنشاء المطارات الدولية، وتأسيس الموانئ البحرية، وشق الطرقات وتقديم الخدمات الميدانية، إضافة إلى مبادرات مجتمعية وإنسانية أخرى. هذا إلى جانب المهمة العسكرية المتمثلة في الدفاع عن جزء استراتيجي كبير من الجغرافيا، وهي وحدها كافية للحكم عليه بالنجاح. 
 
باختصار.. المكتب السياسي مكون وطني يعول عليه الشعب كثيراً بعد أن استبد به اليأس، وبعد أن فقد الثقة ببقية المكونات السياسية القديمة الشائخة في أغلبها، والمحتقنة بحساباتٍ سياسيةٍ سابقةٍ غير إيجابية. نقول هذا ونحنُ نتابع المشهد عن قرب؛ بل ونحنُ جزء منه. وعليه نأمل من هذا المكون تطوير أدواته وتفعيل وجوده أكثر خلال المرحلة القادمة؛ لأن أنظار الناس متجهة عليه كثيراً. وإن نجاحه نجاح للوطن كله. 
 
التحية والتقدير لهذا المكون السياسي الوطني الأصيل في ذكراه الثانية، قيادة وقواعد، وعلى رأسهم العميد طارق محمد عبدالله صالح؛ متمنين له المزيد من النجاح في طريق القضاء على الانقلاب الكهنوتي البغيض واستعادة الدولة اليمنية الجامعة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية