في سياق مشروعها الحاضن لفكر الإرهاب، تعمل المليشيا الحوثية من خلال معسكراتها الصيفية على تفخيخ عقول الأطفال بثقافة الموت والتطرف، وتزرع في نفوسهم الحقد والكراهية، وتمثل هذه المخيمات الخطوة الأولى لحشدهم إلى جبهات الموت.
 
ورغم التقارير التي تؤكد فشل مليشيا الحوثي في حشد الأطفال إلى مراكزها بالشكل الذي كانت تطمح إليه، أعلنت المليشيا، المدعومة إيرانيًا، نيتها تسجيل أكثر من مليون وخمسمائة ألف طفل في المراكز الصيفية التي تنظمها في المحافظات الرازحة تحت سيطرتها، الأمر الذي أثار مخاوف الكثير من الآباء والحقوقيين على هؤلاء الأطفال وما قد يحدث منهم ولهم جراء التعبئة الفكرية المغلوطة التي يتلقونها في هذه المراكز، والتي ذهب الكثير منهم ضحايا لها؛ حيث تستقطبهم المليشيا لجبهات قتالها تحت مسمى الجهاد ونصرة الدين ومحاربة اليهود، ليجنوا من ذلك مآسي تتجرع مرارتها أسر هؤلاء الأطفال. 
 
في حديثه لوكالة "2 ديسمبر"، يشير الأستاذ علي (اسم مستعار لمدرس من إب رفض ذكر اسمه خشية بطش المليشيا)، إلى حادثة ابن أخيه الذي لغمت المليشيا عقله بأفكار إرهابية "تحمل الموت المحتم لكل مخالف"، حد وصفه.
 
يقول الأستاذ علي: ابن أخي طفل في الرابعة عشرة من العمر، استقطبه مشرفو المليشيا الحوثية في المنطقة للمخيم الصيفي، العام الماضي، ليعود بأفكار دخيلة وتصرفات مريبة ورغبة في القتال بصفوف المليشيا الحوثية، وحين وقفنا في وجهه جميعًا ومنعناه من توقيف الدراسة والذهاب لجبهات القتال، التحق بهم سرًا وعاد لنا جثة هامدة.
 
ويضيف أن ابن أخيه لم يكن في السابق يحمل تلك الأفكار، وإنما حصل عليها في المخيم الصيفي الذي يستقطبون من خلاله الأطفال ويلغمون عقولهم بثقافة الموت والإرهاب.
 
هذه الحادثة التي يرويها الأستاذ علي، واحدة من بين آلاف القصص المأساوية كنتيجة حتمية لمخرجات هذه المخيمات.
 
تفخيخ المستقبل
 
تفتقر المليشيا الحوثية في مناطق سيطرتها للحاضنة الشعبية، حيث ما زالت مهددة بالانقراض في أي وقت، وظلت هذه المشكلة مصدر قلق وخوف دائمين للمليشيا، ما جعلها تولي الاهتمام الكبير للمخيمات الصيفية والدورات الثقافية التي تقيمها لتسميم عقول جيل المستقبل بتلك الأفكار وترسيخ القبول بها لبناء حاضنة مستقبلية لها.
 
بهذا الخصوص، يقول مهيوب الدبعي، أستاذ علم الاجتماع بعدن، إن المليشيا الحوثية تكرس جهودها في غرس مفاهيم وثقافات دخيلة على مجتمعنا، تسعى من خلالها إلى خلق قبول بفكرها المتطرف من خلال استغلال جيل المستقبل.
 
ويضيف الأستاذ مهيوب: تحاول مليشيا الحوثي صناعة موطئ قدم لها من خلال الأطفال عبر تسميم عقولهم بثقافات التوحش والتمييز والتطرف، ويصف هذا الأمر بالمخيف كونه يستهدف جيلًا بأكمله.
 
مخاوف 
 
 عبر هذه المشاريع التي تنفذها تستهدف المليشيا الحوثية الطفولة في اليمن، بغرس أفكار عدائية متطرفة تؤسس لبؤرة تطرف لا نهاية لها، الأمر الذي يثير مخاوف الكثيرين تجاه مستقبل الطفولة في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا التابعة لإيران.
 
إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، تؤكد ذلك في حديثها لوكالة "2 ديسمبر"، قائلة: هذه الممارسات التي تقوم بها مليشيا الحوثي تستهدف الطفولة في اليمن، من خلال تعبئة عقولهم بأفكار التمييز والعنصرية والعنف، التي تهدد السلم الاجتماعي في البلاد.
 
وتضيف المقطري أن هذه الممارسات الحوثية تتعارض مع القوانين واللوائح والقرارات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال وحقوق الإنسان؛ كون هذه المخيمات الصيفية تقوم بتعبئة الأطفال بالكراهية وممارسة العنف واقتيادهم لجبهات القتال.
 
وتدعو المقطري المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الأطفال إلى إدانة هذه الممارسات ورصد نتائجها، كما تدعو الأمم المتحدة وكل المعنيين بالعالم إلى التصدي وإيقاف هذه الممارسات التي تستهدف الطفولة في البلد.
 
من جهتها، حذرت منظمات حقوقية عدة من خطورة المراكز الصيفية التي أعلنت مليشيا الحوثي تدشينها هذا العام، مشددة على أن تلك المخيمات عبارة عن قنابل موقوتة؛ لما تتضمنه من ممارسات خطيرة مثل التعبئة الطائفية واستقطاب الأطفال للقتال، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إطالة أمد الصراع وإنشاء جيل يحمل أفكارًا مسمومة.
 
وأشارت إلى أن مليشيا الحوثي تراهن على غسيل ثقافي لعقول الأطفال، وغرس التطرف والكراهية في عقولهم لأجل هذه الحرب وضمان حاضنة مستقبلية، لا سيما من خلال إغداق الدعم والاهتمام بهذه المراكز والمخيمات.
 
ودعت المجتمع الدولي والدول العربية إلى ضرورة ممارسة كافة الضغوطات على مليشيا الحوثي لإيقاف هذه المراكز الصيفية الطائفية والتوقف عن استقطاب الأطفال.
 
فيما يرى مراقبون أن هذه المخيمات مصيدة للأطفال في اليمن، حيث تجرهم المليشيا منها إلى جبهات القتال أو تنفيذ مشاريع خبيثة أخرى، مشددين على ضرورة إيقافها فورًا وتنظيم حملات توعية لتعريف أرباب الأسر بمخاطر إرسال أبنائهم إلى هذه المعسكرات.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية