يدرك البليد قبل اللبيب أن شعارات الحوثي إزاء القضية الفلسطينية مجرد كلمات خرساء وهرطقات فضفاضة بلا معنى ولا حَراك في أحشائها، كونها صادرة عن جماعة سلالية فاشية محاطة بتلك الادعاءات الخادعة والعبارات الميتة، التي يحسب للجماعة ذاتها إتقانها الاحترافي في تلميع وجهها واستغلال مشاعر الآخرين عبرها، إضافة إلى أنها تبنت في سلوكياتها نهجاً أكثر قبحاً وضراوة من نهج عدو القضية الفلسطينية وجلادها، فكيف سيَصدق موقف هذه الجماعة أو يحمل مصداقية قومية عروبية طالما وأن جذورها ينحدر ويتلقى تعليماته من قومية فارسية معادية للقومية العربية أساساً.

 

فبعد ساعات من انطلاق عملية" طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام ضد إسرائيل، استهدفت المليشيات السلالية عدة أحياء في مدينة تعز وريفها وسقط على إثرها ضحايا أبرياء وعزل، كما لو كان اليمنيون هم الإسرائيلون حسب الركن الثالث من أركان الصرخة الحوثية "الموت لإسرائيل"، أو كأنها تثأر من اليمنيين انتقاماً للمحتل الصهيوني مما حاق به على يد الكتائب، هكذا هي العدائية السلالية تجاه السلام وتجاه الحق، إلا أنها تمظهرت بحماسها ونخوتها مع غزة وطبعت أكواماً من السندات والشيكات لاختلاس الناس وسلخ جلودهم بالترغيب أو بالترهيب كعادتها، تحت ذريعة مساندة غزة والوقوف معها، رغم استحالة إيصالها فعلاً إلى المقاومة هناك.

 

منذ ظهور المليشيا الحوثية وبعد سيطرتها على صنعاء، بلغ نباحها عنان السماء بشأن القضية الفلسطينية، ولم تصمت وسائلها الإعلامية برهة بشأن وقوفها ضد المحتل الإسرائيلي، وكم تحذلق كاهنها الأكبر في خطبه وخطاباته بامتلاكه صواريخ بعيدة المدى يصل مداها تل أبيب، فيا أيها الدجال الآن حصحص الحق، ودقت ساعة العمل، دقت ساعة الحسم، والفرصة ذهبية في مرماك، عليك أن تثبت وقوفك الحقيقي مع فلسطين وتطلق وابلاً من الصواريخ، لكن يعلم القاصي والداني أنك كنظيرك؛ حزب الله اللبناني، وكل المليشيات الملالية الفارسية لن تحركوا ساكناً إزاء ردة الفعل الإسرائيلية بحق حماس والجهاد وغزة عامة، وستخذلونها أيما خذلان وتتركونها تندب مصيرها وحيدة.

 

ومع كل هذا الخذلان، تحاول الأبواق الحوثية فبركة فيديوهات عن عناصر حوثية شاركت مع الكتائب في طوفان الأقصى كإسهام في استراق ذلك النصر وتلفيق انتسابه لبعض صور الدعم الحوثية للمقاومة، وتسويقه للعامة كدليل فعلي يؤكد أن المليشيات العنصرية حاضرة في صلب القضية وجزء فاعل في مساراتها.

 

ياله من تدليس وافتراء وزيف دأبت عليه الجماعة في كل آن، إلا أنها مفضوحة، عارية من الوطنية، منسلخة من أي دوافع قومية وإنسانية.

 

وبناءً على هذه المعطيات والوقائع المخزية التي أماطت اللثام عن أزيف وأكذب شعار بلا منازع في القرن الحادي والعشرين، شعار "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل"، فكانت أمريكا الحريص الأكبر خلف كواليس القرار الدولي المبقي على الجماعة والمانع الخفي وراء تحرير الوطن من أزلام إيران، وبقاء اليمن غارقاً في متاهة الفقر والتفكك وتشظي الدولة وفقدان سيادتها القومية وتهديد الأمن الإقليمي والممرات العالمية، بينما استهجنت إسرائيل ذلك التفوق والنجاح القياسي للقتل والدمار والتشريد والقمع الذي حققته المليشيات الحوثية في اليمن خلال وفترة وجيزة، فاق كل جبروت المحتل الإسرائيلي وما قام به بحق فلسطين وأبنائها خلال سبعة عقود، ولذا يشعر المحتل بالغبن والأسى جراء تقصيره وفشله في بلوغ المستوى الوحشي الحوثي، ولو كان حذا حذو المليشيات منذ زمن لاجتث فلسطين ومحاها من الخريطة مثلما يعمل الحوثي جاهداً في اقتلاع اليمن من جذوره وطمس هويته وسحق أبنائه وتحويل البلد إلى حوزة إيرانية مليئة بالعبيد والشهداء تحت خدعة خدمة آل البيت والاستجابة لأوامر الخالق والطاعة لنهج رسوله!

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية