دون أدنى شك؛ كانت حكومة الكيان الصهيوني على علم- من الوهلة الأولى- بأن ما حدث يوم 7 أكتوبر والذي أخذ اسم "طوفان الأقصى" ليس سوى رد إيراني على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني.. فما الذي حصل؟

تلقف الكيان الصهيوني الفرصة التي منحتها له إيران ليجعل من غزة أطلالًا ويؤمّن إسرائيل لخمسين سنة قادمة، وهذا ما تم، وما زال، ولو كانت إيران لديها رغبة في الانتقام المباشر لما تركت غزة كبش فداء، وأوعزت إلى حزب الله، وكيلها الأبرز، عدم إقحام نفسه في أي صدام مع الاحتلال الإسرائيلي إلا بمناورات هشة لتلميع الحزب.

اليوم، وبعد ثلاثة أشهر؛ لم تعُد حكومة الكيان الصهيوني تراهن على جدار العزل العنصري "الجدار الذكي"، الذي كان يفصل غزة عن غلافها؛ بل ذهبت لتقيم جدارًا في كل مدن وأحياء غزة، ولكن هذه المرة ليس من أسلاك ذكية؛ بل من جماجم ودماء أبناء غزة. فيما ملالي طهران يطلقون الأعيرة النارية على قبر قاسم سليماني دلالة على أنهم انتقموا له وأن عليه الآن أن ينام ويستريح.

بعد كل ذلك، وعقب أن تأكد لحكومة الكيان الصهيوني نجاح عملياتها داخل غزة؛ ذهبت للرد على إيران أو ما يسمى "طوفان الأقصى"، وقتلت سليماني مرة أخرى بذات الطريقة؛ ضربة جوية تحول رضا موسوي- مسؤول العلاقات العسكرية بين طهران ودمشق- إلى أشلاء متفحمة، ومعه 11 قياديًا من الحرس الثوري أثناء تواجدهم في مطار دمشق، ليخرج ملالي طهران مولولين بأنهم سينتقمون لموسوي بطوفان أقصى جديد.

القضية المحورية لملالي طهران هي الانتقام لسليماني وعلى حساب القضية الفلسطينية.. معادلة تستحق البصق في وجه كل من يتفوه من أذناب إيران عن "نصرة غزة".

إيران وجّهت صفعة لحماس وأبناء غزة.. كما أنها لم تمنح أذنابها في اليمن (مليشيا الحوثي) فسحة لمزيد من الهرطقة، حيث صرح وزير الدفاع في حكومة طهران بأن البحر الأحمر بات منطقة نفوذ لبلاده متحدثًا عن هجمات أذناب بلاده الحوثيين.

وما دام ما يسمى "طوفان الأقصى" كان انتقامًا لسليماني، كما صرح متحدث الحرس الثوري الإيراني؛ فالأمر ينسحب على هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر، حيث لا علاقة لها بنصرة غزة بقدر ما هي انخراط في عملية انتقام بائسة للهالك سليماني، توظف فيها إيران وكلاءها، نائية بنفسها عن أي مواجهة مباشرة كما هو معتاد.

ومن السخرية بمكان؛ أن مليشيا الحوثي تفتش بين المدمرات والأساطيل الحربية الأمريكية والغربية واليهودية، أيضًا، على سفن تجارية تستهدفها.. أوَليس الأولى استهداف البوارج الحربية؟!

وماذا بعد؟

كرة الثلج تتدحرج نارًا في عباب البحر، ومليشيا الحوثي ذاهبة لا شيء يهمها سوى أن تثبت لربيبتها إيران أنها جديرة بالانتقام لسليماني وتنفيذ مخططاتها في عسكرة البحر الأحمر.. ولو كان على حساب الشعب اليمني.

ما حصل، الأحد، في البحر الأحمر من شأنه أن يضع حدًا للهرطقات الحوثية؛ فإما أن تذهب إلى أبعد مدى وترد على الولايات المتحدة، وهي التي تزعم رغبتها في خوض حرب مباشرة معها أو أن يهتف الجميع عوضًا عن ذلك بـ"الموت لخامنئي.. الموت للحوثي"

* رئيس تحرير وكالة 2 ديسمبر، مدير الإعلام العسكري للمقاومة الوطنية .

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية