لم تولد من فراغ، ولا تحركت كردة فعل.. بل جاءت المقاومة الوطنية كضرورة وطنية، ومشروع جمهوري متكامل، في لحظة كان الوطن يتهاوى تحت أثقال الخيانات وسكاكين الانقسامات.. منذ اللحظة الأولى، أعلنت وجهتها صنعاء، وعدوها الحوثي، ورسالتها "لا خناجر في ظهور الشركاء، ولا سلاح يُشهر إلا في صدر العدو".

تحت قيادة طارق صالح، تمسكت المقاومة الوطنية برؤية واضحة لا لبس فيها، سياسة ضبط النفس والبقاء فوق الاستفزازات في التعامل مع شركاء السلاح والقضية، وإيمان راسخ بأن المعركة المصيرية مع العدو الحوثي التابع لإيران، لا مع أي طرف آخر من أطراف الشرعية أو القوى الوطنية.

لقد بُنيت سياسة المقاومة على الشراكة لا الخصومة، وعلى الاحترام لا المناكفة، وعلى وحدة الهدف لا تنازع الوسائل.. وعلى الرغم من تعدد التوجهات السياسية، لم تنجر المقاومة الوطنية إلى صراعات جانبية، ولم تستخدم سلاحها-العسكري أو الإعلامي- ضد شركائها في الخندق الواحد.

هذا الموقف لم يكن مناورة ظرفية، بل تجسيدًا لرؤية قيادية عميقة، ترى في صنعاء وجهة البوصلة، لا في تقاسم النفوذ، ولا في صراع المشاريع الصغيرة؛ فمشروع المقاومة كان، ولا يزال واضحًا "استعادة الدولة، لا الدخول في لعبة المكايدات".

ومن أبرز ما يميز المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي، أنهما تجنّبا الانشغال بمعارك عبثية أو الرد على حملات التحريض والاستهداف؛ فقد اختارت المقاومة أن تضع طاقاتها في خدمة الناس وقضيتهم، لا في مراكمة الضجيج أو اللهاث خلف وهم المكاسب اللحظية، ولكن هذا لا يعني إسقاط وتهميش حقوق الشراكة الحقيقية.

ومنذ انبثاقها من انتفاضة ديسمبر المجيدة، التزمت المقاومة الوطنية بخوض معركتها الكبرى ضد المشروع الحوثي الإيراني، دون أن تتاجر بها أو تضعها في سوق المقايضات السياسية.

وسط هذا الواقع المعقد، حافظت المقاومة على موقفها الثابت  "لا عدو سوى الحوثي"، ومن يتشارك الهدف، أو يختلف في الأسلوب، فمكانه الحوار والتنسيق لا الصراع.. هذا المبدأ هو ما أكسب المقاومة احترام الداخل وثقة الخارج، وجعلها قوة مسؤولة تملك وضوح الرؤية واستقلال القرار.

واليوم، واليمن يقف على أعتاب مرحلة فارقة، تتزايد الحاجة إلى قوى تملك الحكمة لبناء التحالفات لا تفجير الخلافات، وتعرف كيف ترتب الأولويات بدل أن تغرق في التفاصيل.. وفي هذا الإطار، تقدم المقاومة الوطنية نفسها نموذجًا ناضجًا في التوازن والثبات، لا يحيد عن المبدأ، ولا يفتقر إلى المرونة.

فنحن بحاجة إلى عقل سياسي لا تأسره الضغائن، ولا تستهلكه المعارك الصغيرة، بل يتقدّم بهدوء وثقة نحو الهدف الأسمى، استعادة العاصمة صنعاء المختطفة، وإنقاذ الجمهورية، وبناء وطن يتسع لكل اليمنيين، ويحتضن الجميع تحت راية الدولة، لا المليشيا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية