في مشهد غير مألوف يقف العديد من المواطنين في طوابير طويلة لانتظار دورهم بتعبئة بضع لترات من مياه الشرب ليسد عطشهم جراء أزمة المياه التي تعيشها مدينة تعز جنوبي غرب اليمن.

وضربت مدينة تعز أزمة مياه شرب خانقة ومفاجئة، فاقمت من معاناة المواطنين، حيث انعدمت المياه في غالبية الأحياء ومحطات التحلية، ليصبح الحصول على جالون 10 لترات ماء حلماً يصعب تحقيقه ويتطلب التجوال ليلاً ونهاراً من بقالة لأخرى.

وفي ظل استمرار حرب مليشيا الحوثي الإرهابية ضد أبناء المحافظة، وحصارها المستمر منذ أكثر من عشر سنوات، تفاقمت أزمة انعدام الخدمات الأساسية بالمدينة، خاصة المياه.

ومع شح الأمطار في هذا الموسم وموجة الجفاف التي شهدتها المحافظة، واستمرار المليشيا في السيطرة على حقول مياه رئيسة ومنع الضخ منها إلى المدينة، تفاقمت أزمة مياه الاستخدام اليومي لتنعدم معها مؤخراً حتى مياه الشرب.

يقول الصحفي رأفت الوافي لـ"وكالة 2 ديسمبر"، "نحن اليوم في مدينة تعز نعاني من أبسط مقومات الحياة الأساسية وهي الماء، والتي لم يكن لأي شخص أن يتخيل أن نصل إلى هذا المستوى الكارثي بالمدينة".

ويضيف، أنه ظل أكثر من نصف ساعة متنقلاً بين البقالات يبحث عن 5 لترات مياه كوثر ولم يجد إلا بصعوبة، مطالباً السلطة المحلية بإيجاد الحلول.

- رحلة البحث عن قطرة ماء

المواطن محمد الشرعبي (55 عاماً)، وهو أحد سكان منطقة الحصب، يصف قصته مع رحلة البحث عن 10 لترات مياه للشرب، بالعجيبة! قائلاً: "الوضع الذي وصلنا له لا يُطاق، ساعتين ما قدرت أعبي دبة عشرة لتر، جزعت البقالات كلها ويقولوا الماء الكوثر معدوم، حالة ذل عجيبة نعيشها ونحن نبحث عن قطرة ماء".

ويضيف الشرعبي لـ"2 ديسمبر"، أنه بعد مرور ساعتين في البحث عن الماء، حصل على 10 لترات بقيمة 1000 ريال، بالرغم أنها كانت قبل أيام بـ400 ريال.

وأشار إلى أن الكثير من المواطنين اتجهوا إلى محطات تحلية مياه الشرب، وشكلوا طوابير طويلة أمامها لكثافة الإقبال عليها، في مشهد غير مسبوق يعيشه المواطن وهو يبحث عن قطرات المياه.

ومنذ شهر ونصف وسكان تعز يصارعون البقاء، حيث ما إن تنتهي أزمة حتى تأتي الأخرى، فأزمة مياه الاستخدام اليومي بدأت منتصف مايو/أيار الماضي، وبعد أن خفت قليلاً حتى عادت أشد وأقوى وطالت مياه الشرب، وذلك لأن محطات التحلية تستخدم مياه الآبار ويتم معالجتها لتصبح صالحة للشرب.

ويُرجع مالكو محطات التحلية أسباب أزمة مياه الشرب، إلى أنهم يواجهون صعوبة في الحصول على المياه، مما أدى إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية إلى نحو الربع.

- شح المياه

يعاني سكان المدينة من شح المياه وصعوبة توفيرها عبر الصهاريج المتنقلة، منذ أكثر من 10 سنوات جراء الحصار الحوثي المطبق على المدينة، واستمرار المليشيا بمنع تدفق المياه من مناطق سيطرتها إليها.

وتأتي عملية الحرمان من المياه ضمن منهجية حرب المليشيا في إخضاع المواطن اليمني في الكثير من مناطق البلاد، وممارسة سياسة العقاب الجماعي بحقه، وحرمانه من أبسط حقوقه الأساسية.

- مشروع مياه الشيخ زايد

ومع تجدد أزمة المياه بمحافظة تعز، التي تعد ذات أكبر كتلة سكانية في البلاد، تظهر حاجة المدينة الملحة لحلول جذرية للأزمة في مقدمتها تذليل الصعاب لاستكمال مشروع مياه الشيخ زايد الذي يعول عليه السكان في التخفيف من حدة الأزمة.

ويتضمن مشروع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حفر 10 آبار ارتوازية إلى جانب شبكة متكاملة لتغذية المدينة بالمياه العذبة بتمويل قدره 10 ملايين دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة وإشراف الخلية الإنسانية في المقاومة الوطنية.

ويستهدف المشروع تزويد مدينة تعز بالمياه العذبة بمعدل نحو 7 ملايين لتر مياه في اليوم الواحد، وهو ما يعني فك أزمة إنسانية مستمرة منذ عشرة أعوام، وكسر الاحتكار الحوثي للمياه.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية