26 سبتمبر أكبر منك أيها الأحمق!
كل حماقات الحوثي في كفة وحماقة ترحيل وتغييب يوم 26 سبتمبر في كفة، ومهما أسرف في عدائه له، وبطش بعشاقه، وقزم من تاريخه، وصقل كل أنياب جبروته وأدوات قمعه لانتزاع هذا اليوم اليمني المجيد من حياة اليمنيين فإنه عاجز وأرعن، حيث لم يشرق على اليمنيين يوم عظيم كشروق صبح هذا اليوم، ولم يترك حدث أو موقف أو انتصار أثرًا في حياتهم كما ترك هذا، ولم يتجل في حياتهم شيء كما تجلى 26؛ كونه اليوم المنقذ الذي خلصهم من كابوس الإمامة الجاثم على وجودهم ومصيرهم وإرادتهم قرونًا مديدة وحقبًا مظلمة وسنوات طائلة من الغرق في مستنقع الجهل والظلم والاستعباد.
تريد الانتصار عليه بالمقابر التي شيدتها في كل مدينة، وبالضحايا الذين ذهب دمهم هدرًا في محارق الموت التي خضتها، بالدورات الثقافية والمراكز الصيفية والخطب التي جعلتها أهم من المدارس والجامعات، بالجبايات والإتاوات التي فرضتها على كل يمني، بالسجون والمعتقلات التي ملأتها بالأبرياء، بالرواتب التي قطعتها، بالمؤسسات التي دمرتها، بالجوع والفقر والذل والنهب والسلب والإرهاب. أنت مشروع تدمير وهلاك و26 سبتمبر مشروع بناء وحياة، أنت ظلام وهو نور، أنت خرافة وهو حقيقة، أنت شر محض وهو خير بيّن، ومن سنن الكون ما انتصر شر على باطل ولا بقي باطل جاثم.
أنت مجرد زيف عابر، مجرد لحظة انكسار، مجرد متطفل باهت منبوذ مرفوض، لم ينتصر على سبتمبر جدك من كان أقوى منك، ومن كانت سلطته أكثر تسلطًا من مليشياتك، تأتي أنت بعد ستة عقود تزيح شمسًا سطع نورها عقودًا، ولم يخفت بريقها برهة في حياة شعب هي مصدر وجوده ومنتهى مصيره، يستحيل فكاكه منها وفكاكها منه.
أيها الأرعن: لا يضاهي عظمة 26 سبتمبر، ومكانته في أعماق كل يمني شيء، ولا يرتقي مجد ولا نصر إلى مستواه مهما كان مبجلًا، ولا يحظى إنجاز ولا مكسب ولا فخر في هوية اليمنيين كما يحظى به يوم الثورة السبتمبرية، الذي ارتبط عزهم ونصرهم ومعنى حياتهم به، ارتباطاً وثيقًا متينًا، ارتباط معنى ومبنى، واتصال نبض ومكانة وقيمة وعزة، واستشعارًا لنور سطع بريقه في كل زاوية ومنحدر يعيد بعث الحياة، وتزهر عطاياه بمستقبل مشرق ووجود مختلف فيه تعليم وصحة وثقافة وفن وأدب وحرية وديمقراطية، وفيه استعادة للإنسانية وبناء لأجيال تمتلك إرادة وتحكمًا بحياتها وتواكب العالم في التحضر والتمدن والتعلم والبناء وهندسة الحاضر والمستقبل.
ولذا؛ فليس التفريط واردًا في قاموس اليمني بعد بزوغ هذا النور، فقد قدمت قوافل من الشهداء، وسالت دماء كثيرة تثبت أعمدته، وتناطح خصومه، وكانت التضحية من أجله وعليه نهرًا متدفقًا لم ينضب منذ يومه الأول في 1962 وحتى اللحظة، قدم اليمنيون أرواحهم فداءً له، وظلوا حراسًا يقظين عليه، يذودون عن أهدافه وغاياته، ويجدون أن حياتهم بدونه لن تكون، فكانوا أبطالًا مغاوير، فرسانًا ميامين، أقيالًا يمانيين، بطولاتهم وتضحياتهم تملأ كتب التاريخ وتتخذ عبرة لكل جيل ليحمل على عاتقه راية الدفاع عن 26 سبتمبر، وبقاءها ترفرف في أفق كل مدينة وحي وقرية، كونها لحاف الحياة والحرية، وما دونها فناء وعبودية.