ثورة 14 أكتوبر... ملحمة التحرر الوطني وإرث النضال المستمر
في ذاكرة الشعوب محطات فارقة تصنع التاريخ وتغير مجراه، وثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م واحدة من تلك المحطات العظيمة التي خلدها الشعب اليمني في سجله النضالي، حينما هب الأحرار من أعالي جبال ردفان الشماء، يشعلون شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني الجاثم على جنوب الوطن، ليبدأ فصل جديد من المجد والبطولة.
لم تكن ثورة أكتوبر وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة حتمية لمواقف بطولية جسدها الأبطال الأحرار، وتضحيات جسيمة قدمها الثوار في ميادين العزة والشرف، وعمليات ثورية وفدائية امتدت من جبال ردفان إلى مختلف مناطق ومدن الجنوب، تزامناً مع التفاف شعبي واسع ومساندة جماهيرية عارمة في مختلف المدن والمحافظات. وقد تكللت تلك الجهود الجبارة بانتصار الثورة المباركة وتحقيق الاستقلال الكامل في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م، لتطوى صفحة استعمارية مظلمة وتفتح صفحة جديدة من الحرية والسيادة الوطنية.
لقد شكلت ثورة الرابع عشر من أكتوبر علامة فارقة في مسيرة الشعب اليمني، ليس فقط لما أنجزته من تحرير واستقلال، بل لأنها أرست قيم النضال والحرية، وأصبحت مصدر إلهام دائم لكل المشاريع الوطنية الجامعة.
واليوم، وبعد مرور 63 عاماً على ثورة الـ26 من سبتمبر، و62 عاماً على ثورة الـ14 من أكتوبر، يقف اليمن أمام تحدٍ تاريخي جديد، يتمثل في عودة الإمامة الكهنوتية المدعومة والمسنودة من المستعمر الفارسي بصيغة جديدة، عبر مليشيا الحوثي الانقلابية، التي انقلبت على الدولة ومؤسساتها، وعلى النظام الجمهوري والديمقراطي، وحاولت طمس معالم الثورتين الخالدتين، وسعت لإعادة الإمامة بوجهها العنصري المقيت، وسلمت اليمن ومقدراته للعدو الإيراني، الذي حول أراضي الوطن إلى قواعد ومعسكرات للحرس الثوري الإيراني.
في هذه الذكرى الوطنية العظيمة، نستحضر نضالات الآباء والأجداد الذين فجروا الثورة من جبال ردفان، ونستلهم من بطولاتهم جذوة النضال التي ما زالت مشتعلة في كل ميادين البطولة والشرف، حيث يواصل الأحرار اليوم ذات المسيرة، في مواجهة مشروع التخلف والجهل والعمالة المتمثل في مليشيا الحوثي الطائفية ذراع الشر الإيراني في اليمن والمنطقة.
إن معركة اليمنيين اليوم لا تقل شرفاً وعظمة عن معارك التحرر السابقة، فكما طُرد المستعمر البريطاني بالأمس، فإن إرادة الشعب اليمني قادرة اليوم على دحر المليشيات الحوثية، واستئصال المشروع الفارسي، واستعادة الجمهورية والدولة، وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها.