السلام المستحيل مع عقلية السيد والعبد..!
لم يكن اختطاف ميليشيا الحوثي للدكتور حمود العودي ورفاقه سوى حلقة في مسلسل قمعي متكرر، بل تجسيدًا صريحًا لمنطق يقدم الولاء للطائفة والنسب على حساب العقل والفكر والحرية.
ففي عالمٍ يُفترض أن تحتضن فيه العقول المستنيرة وتشجع الأصوات الداعية للسلام، تظهر جماعة الحوثي كمليشيا انقلابية تسعى لاحتكار السلطة ليس عبر الكفاءة أو الشرعية، بل عبر الانتماء السلالي والطائفي، حيث يصبح الاختلاف تهديدًا يجب قمعه.
هذا الاختطاف ليس استثناءً، بل امتداد لحملات تعسفية طالت أكاديميين ونشطاء وإعلاميين وصحفيين، في محاولة لترسيخ منطق مفاده أن من هو خارج «الدائرة الخاصة» فهو خارج إطار الشرعية، بل مستحق للعقاب.. العقلية الحوثية، المستمدة من الفكر الجارودي، لم تعد مجرد تيار ديني ذاتي، بل تحولت إلى مشروع سلالي وطائفي يفرض الولاء فوق كل اعتبارات العدالة والمواطنة.
واقع الحال يؤكد صعوبة بناء السلام مع هذه الجماعة، حيث تشير التجارب السابقة إلى أن الخيار العسكري هو الحل والوحيد والمتاح للقضية.. فمن غير المقبول أن تستبعد جماعةٌ شعبًا بأكمله، أو تحول حياة الناس ودماءهم إلى وقود لحروبها ونزعتها السلطوية.
عقلية هذه الجماعة لا ترى في الاختلاف تهديدًا فكريًا فحسب، بل خطرًا على مشروعها السلطوي العنصري؛ لذا فإن الأصوات الحرة والمستقلة، وخصوصًا الداعية للسلام، تتحول إلى أهداف للاختطاف والإقصاء. ويزيد الوضع تعقيدًا أن مشروع هذه الجماعة لا يقتصر على الداخل اليمني، بل يمتد عبر تحالفات إقليمية، مما يحول أي دعوة للتغيير السلمي إلى تهديد لمشروع توسعي.
وهنا يكمن جوهر المأزق: حين تُقمع العقول الحرة وتُختزل المواطنة في الولاء للطائفة، يصبح البناء الوطني مستحيلًا، ويغدو السلام مجرد شعار لتحقيق مصالح ضيقة.. إن ما حدث مع الدكتور العودي ورفاقه مؤخرًا في صنعاء، على سبيل المثال، يؤكد خطر عقلية ترفض الحوار والتعددية وتقدس الولاء فوق الكفاءة.
كل اختطاف لمفكرٍ حر هو رسالة مفادها أن الاختلاف جريمة.. وفي هذا الواقع يصبح التحدي أمام اليمنيين والمجتمع الدولي كبيرًا: كيف يمكن الحفاظ على حرية الفكر في بيئة تقمع كل صوت مستقل؟ برأيي والغالبية اليمنية، الحل يتطلب جهودًا جادة لتحرير وتطهير المدن والمؤسسات من سيطرة الميليشيا وإعادة بناء دولة مدنية تقوم على المواطنة والعدالة والقانون.
ففي اليمن ليس الخلاف سياسيًا ، بل وجوديًّا مع جماعة عنصرية طائفية آمنت بالسلاح وسيلةً للوصول إلى السلطة.. والخيار أصبح واضحًا:
إما أن يعيش الشعب تحت هيمنة جماعة طائفية، أو يناضل من أجل حياة حرة وكرامة كبقية شعوب العالم.. والخيار الأوحد الذي أبقت عليه والمؤكد هو (فوهة البندقية).









