أخصائيون يؤكدون أن من الظواهر السلبية التي تصيب الطفل تحت التأثر بالإعلانات تكوين شخصية غير متزنة وعنيفة وانطوائية.

 

تختلف السيناريوهات التي يظهر من خلالها الأطفال في الإعلانات فمنها من يجتذب الكبار والصغار فينجح في تحقيق الأهداف الربحية للمستثمرين في الإعلان، ومنها ما يجلب الانتباه إلى طريقة توظيف الطفل وصورته فيه. العديد من التساؤلات تحوم حول ظهور الصغار في الإعلانات وحول تأثيرها عليهم نفسيا وعقليا وصحيا.

 

تقول المسؤولة عن إحدى صفحات الفيسبوك المختصة بالطفل وحقوقه عن الشروط الواجب توافرها في الأطفال، لتصويرهم في الدعاية، عبلة محمد، إنه يُمكن تشغيل الأطفال من عمر بضعة أشهر إلى ما فوق، في العروض أو التصوير شرط أن يتم استيفاء الشروط المطلوبة ومن بينها ألّا تكون في العرض مشاهد عنف، أو إيحاءات جنسية، أو رسائل عنصرية، أو التشجيع على استعمال المشروبات الروحية ومواد التبغ... كما يتوجب على والد الطفل أو أي شخص بالغ من عائلته أن يكون حاضرا وقت تحضير الإعلان، وأن يكون العرض لأهداف تربوية.

 

وتضيف عبلة محمد أن هناك شروطا في مكان العمل منها أن يكون مجهزا بوسائل وقاية آمنة، وتتوفر فيه كافة الوسائل المطلوبة لمنع حدوث أضرار بدنية. ويجب أن يتم التعامل مع الطفل بشكل محترم، باعتبار سنه وحاجاته.

 

وتقول استشارية العلاقات الزوجية اعتماد عبدالمجيد إنه “من الممكن توظيف الأطفال في الإعلانات، ولكن بأساليب طفولية، وبشرط عدم الاستخفاف بهم أو التقليل من شأنهم”، مشيرة إلى أن حضور الطفل في الإعلان جذاب أكثر، حيث إن المجتمعات عادة ما تتأثر بذلك، لذا تستخدم شركات الدعاية الأطفال كوسيلة أسرع لانتشار المنتوج. وترى استشارية العلاقات الزوجية أن ظهور الطفل على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، يسهم في بناء شخصيته.

 

فيما اعتبر الباحث بالمركز القومي لرعاية الطفولة حمدي مصطفى، أن توظيف براءة الأطفال في إعلانات تجارية يظل يستهدف الربح المالي قبل كل شيء، وهناك أسر كثيرة تتمنى أن يظهر ابنها في الإعلانات حتى تشعر بالسعادة والفخر وأيضا تربح بعض المال.

 

ويقول مصطفى “أعتبر ذلك متاجرة ببراءة الأطفال ولا أراه أمرا مقبولا، لأن الشركات تستخدم الأطفال، في بعض الأحيان، من أجل جمع التبرعات ومن أجل الابتزاز العاطفي، حيث يتأثر المشاهد عاطفيا بطريقة كبيرة عندما يرى طفلا يبكي على الشاشة، أو طفلا محروما من متعة معينة، أو مقارنة بين أطفال فقراء وغيرهم سعداء، كل هذا يؤثر في المشاهد بطريقة فعالة ويجعله راغبا في التبرع بشكل كبير”.

 

الشركات تستخدم الأطفال، من أجل جمع التبرعات ومن أجل الابتزاز العاطفي، حيث يتأثر المشاهد عاطفيا بهم

 

ويرفض الباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة محمد إسماعيل استخدام براءة الأطفال في الإعلانات، موضحا أن “استخدام الأطفال في الإعلانات لجمع التبرعات من خلال استعطاف الناس يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، لأن الأطفال نعمة من الله، ومن هنا ينبغي أن نحسن تربيتهم” مشيرا إلى أن “إعلانات التسول الموجودة في شهر رمضان والتي يتم عرضها على جميع القنوات الفضائية ”مهزله” مثل (أنا عايز أعيش) أو (أنا نفسي شعري يبقى طويل) أو (عايز آكل حاجات كثيرة)…”.

 

ويردف إسماعيل “في الحقيقة أن هذا النوع من الإعلانات تزداد بشكل مزعج كل عام، كما أنها تؤدي إلى نتائج عكسية على المستوي النفسي، لأنه من المطلوب والمفروض أن الإعلانات تطرح على الجمهور دون تأثير سلبي، وتوجد العديد من الأمثلة، التي لا تُحصى، من النماذج المهينة للبشرية، والمنتهكة لحقوق الطفل، خاصة بعد انتشار المستغلين للإنسانية في الكثير من إعلاناتهم، حيث يقومون بالتلاعب بالعقول في نشر منتوج من الممكن أن يكون ذا أهمية بسيطة أو فاسدا".

 

ويؤيد وجهة النظر السابقة أستاذ الأمراض النفسية في طب القصر العيني عبدالباسط مصطفى، موضحا أن جل شركات الإعلان تستخدم وسائل عديدة للتأثير على مشاعر المشاهد ودفعه إلى اقتناء سلعة لم يفكر في شرائها من قبل، وتلك هي وظيفة وهدف الإعلان أن يقنعك بما لم تكن مقتنعا به، ومن أجل تحقيق ذلك هناك وسائل يلجأ إليها أصحاب الإعلانات ومنها توظيف صورة الطفل فإذا كان الهدف جمع تبرعات مالية فلا بد أن يكون الطفل حزينا وبائسا.. أما إذا كان المنتوج المراد بيعه عن ملابس أو أدوات للطفل فيجب أن يكون الطفل فرحا بهذه الأدوات وتلك لعبة يتقنها صانعو الإعلانات، ولذلك يجب أن تكون هناك شروط للتعامل مع الأطفال داخل الإعلان، وتكون الشروط متصلة بالتربية والأخلاقيات والقيم الدينية.

 

وأمام كثرة الإعلانات في التلفزيون ولأن غالبية الأطفال يشاهدون الشاشات ولو لوقت قليل فإنه لا بد أن تمر أمام أنظارهم ومضة أو أكثر من هذه الإعلانات ومن الطبيعي أن يتأثر بها إما بالتقليد وإما بالرغبة في الحصول على المواد التي يشجع الإعلان على شرائها وتحتار الكثير من الأسر في انتهاج الطريقة المثلى لحماية أبنائهم من الإعلانات وتأثيراتها.

 

وتقول خبيرة الصحة النفسية والإرشاد الأسري إيمان عبدالله أن “الإعلانات المعروضة على شاشة التلفزيون لها تأثير قوي جدا على الطفل، لاحتوائها على صور وشخصيات وأغان، تجذب أنظار الأطفال، فضلا عن استهلاك الإعلان لعقل الطفل حيث يجعله مشوشا في الأفكار، مؤكدة أنه يجب على الأهل تخصيص أوقات معينة لمشاهدة التلفزيون بوجه عام، وتحديد محتوى المشاهدة بوجه خاص، منعا لتعلم السلوكيات الشاذة والسلبية".

 

وتضيف عبدالله أنه من الظواهر السلبية التي تصيب الطفل تحت التأثر بالإعلانات، تكوين شخصية غير متزنة، وعنيفة وانطوائية، مشيرة إلى أن الإعلان أصبح في هذه الحالة عبارة عن الأب الثاني، والمعلم الأول للطفل، وذلك بسبب انحدار دور الأم والأب.

 

صحيفة العرب

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية