مع وصول شهر رمضان وتعاقب لياليه المباركة تذهب ذاكرة اليمنيين إلى أزمنة جميلة ورافلة بسحر الشهر وطقوسه وآيات التسامح والسكينة التي عاشوها سابقا في ظل دولة مستقرة ولو بالقدر اليسير من الموارد المالية وآليات توظيفها بما يتناسب مع حالة الناس ومناسباتهم الدينية .

 

شكل زمن الزعيم الشهيد وأيام حكمه وسنين قيادته لسفينة اليمن مرحلة ذهبية من حيث التزام مؤسسات الدولة بتحمل مسؤولياتها تجاه الموظفين والجنود وحتى من شملهم نظام الرعاية الاجتماعية، وكان دوماً شعار الزعيم الشهيد أن المرتب هو قوت الأطفال ولا يجوز إيقافه عن أي موظف أو جندي أو رجل أمن حتى لو كانت هناك مخالفات أو قضايا فساد ضد صاحب المرتب ولم يحدث أن تم إيقاف مرتب أحد مهما كانت جنحته.

 

ولم يكن الأمر يتوقف عند دفع الراتب دون تأخير مهما كانت الأسباب بل إن الموظف كان يتقاضى راتباً آخر في شهر رمضان إكرامية لمواجهة أعباء وتكاليف الشهر الكريم واحتياجاته؛ ناهيك عن إكراميات لمرضى ومحتاجين ومنح مالية لرموز اجتماعية وسياسية تعينهم على مواجهة متطلبات ارتباطاتهم في محيطهم الحزبي أو الجغرافي حتى من هم في أحزاب وتنظيمات معارضة.

 

لم يستخدم زعيم اليمن الشهيد المرتب أو الجانب المالي لإركاع شخص أو دفع كائن من كان لتغيير توجهه السياسي أو الاجتماعي، ولم يتعامل مع المال العام كملك خاص، ولم يتعاطَ مع إيرادات الدولة كإقطاعية له ولمقربيه وعائلته وحزبه، بل كان أحيانا أكثر كرماً مع معارضيه ومنتقديه مما أثار كثيراً حفيظة حزبه وقيادات المؤتمر، لكنه كان دوما يرد على انتقاداتهم بأنه رئيس كل اليمنيين وللجميع حق عليه.

 

أدار البلاد واحتياجاتها بمسؤولية كبيرة واقتدار ووفر قدر المتاح كهرباء للمناطق الحارة في فصل الصيف، وواجه بموازنات استثنائية نتائج الكوارث الطبيعية، ولم يحدث أن غابت المشتقات النفطية عن السوق أو استغل المناسبات لجني مزيد من الأرباح لحكوماته في أوقات الذروة لاستهلاك الوقود كما فعل ويفعل غيره حاليا من الساسة سواء في الشرعية أو الانقلاب.

 

وفي حين تعيش جزيرة سقطرى اليوم كارثة طبيعية ناتجة عن إعصار في ظل غياب تام لكل أذرع الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الرسمية يعود الناس بذاكرتهم إلى الوراء قليلا حين علقت بعض الأسر في تلفريك بحري بمحافظة عدن كيف كان الرئيس صالح حينها أول من يتحرك موجهاً القوات الخاصة في عدن بالتدخل لإنهاء المشكلة بالتنسيق مع كل الجهات ذات العلاقة، وكان له ما وجه به حيث أنهت القوات الخاصة المشكلة وأنقذت العالقين.

 

وفي حضرموت الخير حين اشتدت الأمطار وداهمت السيول مناطق ووديان وطرقات المحافظة كان الزعيم الشهد الصالح حيث تملي عليه مسؤولية تقلده منصب الرجل الأول، وبينما كان يكفي أن يتواجد في غرفة عمليات ويتابع ويوجه الجهات المختصة من القصر الجمهوري أو حتى من دار الرئاسة، لكنه كان سباقاً إلى المغامرة واتجه إلى حضرموت ولازالت الأمطار تتساقط، وحين رفض الطيار مواصلة الرحلة بسبب مخاطر الأحوال الجوية كان رأيه حاسماً وقال للطيار: اهبط ولنا ما قسم الله.. أهلنا في حضرموت بحاجة لنا .

 

وهبطت الطائرة واتجه الزعيم الشهيد حينها يتفقد أحوال وأضرار السيول ولازالت السماء تمطر والسيول تتدفق، وطاف بحضرموت والتقى ناسها ووعدهم بتعويض كل الخسائر وإصلاح الضرر وطمأنهم بكل الخير، وأزال عنهم قلق المصيبة وهول الكارثة، وفعلا أوفى ما وعد.. حينها قال شاعر حضرموت الكبير حسن باحارثة:

سهيل في الشده حضر

في حضرموت الجو غيم واعتكر

ومع ظلام الليل هلّ نور القمر

مولى الشروع الوافية

رغم السيول الجارية

سهيل في الشدة حضر

والكل بقدومه تفاءل وافتخر

وفى وكفّى بالمفيد المختصر

رغم الجروح الدامية

المعنوية عالية

وتزرزرت لحبال زر

 

وكم تتمنى حضرموت وسقطرى وتعز وصعدة والحديدة واليمن كلها أن يحضر سهيل ويعود نجمه لامعاً في السماء.

 

سلام إلى روحك في رحاب الخالدين يا سهيل اليمن ورئيسها وزعيمها وشهيدها.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية