الباحث الأمريكي في معهد واشنطن، مايكل نايتس، عاد من اليمن بعد أن أمضى فيها كثيرا من الوقت، حيث زار كل جبهات القتال الرئيسية فيها حسب قوله، كما زار العاصمة صنعاء، وقبل أيام قلائل نشر التقرير الذي أعده خلال تلك الزيارة في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية. يقول مايكل نايتس: لقد تحدثت إلى قاعات دراسية مملوءة بالجنود الأطفال، الذين يبلغون من العمر 12 عاماً، حيث تم تجنيدهم قسراً في الخدمة العسكرية من قبل الحوثيين الذين وضعوهم في خطوط المواجهة الحربية.. هذه الشهادة تعزز التقارير الدولية التي تواترت في الشهور الأخيرة من العام الماضي، في تقرير حقيقة مخيفة طرأت في اليمن في ظل تحكم جماعة الحوثي الإرهابية، فجميعها تقريبا تحدثت عن قيام الجماعة بعملية تجنيد الأطفال على نطاق واسع، وقد تضاعف عدد المجندين الصغار في الفترة الأخيرة بعد أن تبنت الجماعة حملة تجنيد مكشوفة منذ بداية هذا العام تحت لافتة "رفد الجبهات بالرجال"، وظهر جليا أثناء تلك الحملة أن عناصر الجماعة المكلفين بالتعبئة العسكرية لا يتحرجون من نقل انشطتهم تلك على شاشات الفضائيات وهم يحثون الصغار على الجهاد ويحظون الكبار على التبرع بالمال، وقد علت أصواتهم أمام تلاميذ وطلاب في مدارس التعليم الأساسي والثانوي في مديريات العاصمة صنعاء ومحافظات عمران وحجة والحديدة وذمار وإب وغيرها من المحافظات، مع تركيز واضح على المناطق الريفية، ففي يناير الماضي تمت أكبر عملية تجنيد للأطفال في المناطق المذكورة، بعد أن ألقى زعيم الجماعة خطابا ذكر فيه أن المقاتلين الحاليين في الجبهات ينتمون إلى مناطق محدودة ومعينة مثل صعدة والعاصمة ويجب أن يتوسع التجنيد ليشمل المحافظات الأخرى ليكون لها نصيب من شرف الجهاد.

 

وفي يناير الماضي أيضا قدم علي هزاري رئيس منظمة سواسية للتنمية والعدالة - وهو محامي وخبير في القانون الدولي- بيانات مفزعة عن حالة الأطفال اليمنيين ومنهم المجندين، ولكن البيانات تتعلق بالعام 2017، حيث ذكر الهزاري في تقريره أن هناك 1173 طفلا قد تم تجنيدهم وزجهم في المعارك الحربية خلال العام المذكور، وكان هناك أكثر من مليون وست مائة ألف طفل ضمن النازحين خلال ذلك العام، وقتل 1546 طفلا بسبب الحرب، وصار أكثر من مليونين ومائي طفل مصابين بسوء التعذية، بينما ظل نحو ثلاثة ملايين طفل محرومين من التعليم، وكان هناك 234 طفلا مختطفا أو محتجزا قسريا من قبل الجماعة الحوثية.

 

سبحة اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات، وسبحات منظمات يمنية غير حكومية تكر أرقاما مثيرة للقلق عن انتهاك حقوق الطفل من قبل هذه الجماعة، وباستمرار كانت عملية تجنيد الأطفال من بين تلك الانتهاكات، إلا أن الجماعة نفسها دأبت من خلال أبواقها الكثيرة على التشكيك في مصداقية تلك المنظمات، وبالتالي تقلل من أهمية البيانات التي توردها عن عملية تجنيد الأطفال. لا تستطيع أبواق الجماعة الطعن في البيانات التي تصدر عن منظمات دولية ذات ثقل ومعروفة بحيادها، مثل العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، واليونيسف، لكنها مع ذلك تحاول دون جدوى، وتطعن في مصداقية منظمة مثل منظمة سواسية للتنمية والعدالة، التي ورد ذكرها قبل قليل، وهي منظمة حقوقية غير حكومية تعنى بحقوق الانسان وخاصة حقوق الأطفال والنساء، وذلك لمجرد أنها منظمة محلية، بينما معظم بياناتها فوق مستوى الشبهة.

 

في نهاية فبراير 2017 أكدت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان (مقرها لندن) أنها حصلت على أدلة جديدة تظهر بأن جماعة الحوثي المسلحة تنشط في تجنيد أطفال للمشاركة كجنود في جبهات القتال في النزاع اليمني، وفقا لما قالته السيدة سماح حديد نائب المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في العاصمة اللبنانية بيروت. ومن هذه الأدلة – على سبيل المثال- أن عائلات يمنية قدمت للمنظمة إفادات عن قيام الحوثيين بتجنيد أربعة من أطفالها في شهر فبراير، وأن الأطفال الأربعة تم ضمهم إلى المليشيات المسلحة التابعة للجماعة، وقالت تلك العائلات أنها علمت بوقوع أبنائها ضحايا عملية تجنيد بعد إبلاغهم من قبل سكان محليين وصفوا لها عملية نقل ستة أطفال من مركز تابع للجماعة على متن حافلة، وعرفت تلك العائلات فيما بعد أن أطفالها الأربعة كانوا في الحدود اليمنية- السعودية. إن عملية تجنيد ستة أطفال خلال أيام، دون رضا ذويهم ودون علمهم، وإرسالهم للقتال في أماكن يكون موتهم فيه محتما، لا تبدو عملية عادية، وليتوقع كل منا بعد هذا كم سيكون عدد الأطفال الذين جندتهم الجماعة عندما تتم عمليات التجنيد بصورة منتظمة وعلى مدار السنة، بعد استقطابهم إلى مراكز التثقيف المشهورة التي استحدثتها الجماعة الحوثية، وهي التي عناها الباحث الأمريكي مايكل نايتس بقوله: لقد تحدثت إلى قاعات دراسية مملوءة بالجنود الأطفال.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية