قدمت سلطة الحوثيين للنواب الواقعين تحت تهديد مقصلتها قانونا بديلا لقانون الزكاة، أثار جدلا واسعا لناحية اعتباره تنفيذا لفقه الخُمس، على الرغم أن القانون في جملته لا يكاد يحوي إلا تعديلات بسيطة في نصوصه على القانون السابق. وفي واقع الحال، مشروع القانون في ظاهره الرحمة وفي باطنه أكبر عملية نهب منظمة لمقدرات اليمنيين.

لا مجال هنا للدخول في الآراء الفقهية المعرفة للركاز –محور القانون الجديد - الواجب فيه الخمس نصا واتفاقا شرعيا، لأن القانون السابق والجديد حسما تعريفه بأنه كل ما استخرج من الأرض وليس من جنسها، المعادن أساسا.

لا مشكلة في وجوب الخمس دينيا، وكون الإسلام دستوريا هو مصدر التشريعات اليمنية فقد كان لازما أن يتطرق القانون وثيق الصلة بالدين إلى الركاز ووجوب الخمس فيه، سواءا كان القانون الصادر أواسط تسعينيات القرن الماضي أو مشروع القانون المطروح من الحوثيين. إنما أم المشاكل في فهلوة الحوثيين السمجة في مشروع القانون الجديد من خلال إضافة عبارتين لنصي مادتين أثبتهما القانون السابق تعززان بشكل مخيف المقولة السلالية الطائفية المتنكرة حتى للمنتمين للحركة من غير أبناء السلالة.

في حين اقتصرت المادة (20) من القانون السابق في إيجاب الخمس على كل معدن مائع أو غير مائع أو مال استخرج من البحر أو الأرض، خرجت تلقائيا وبسهولة (دون بحث أو تنقيب)، أضاف الحوثيون عبارة " مع خصم التكاليف إذا لم يتم الاستخراج إلا ببحث أو تنقيب"، بمعنى أن القانون السابق لم يوجب عمليا الخمس على الشركات المستثمرة في المعادن بما فيها النفط والغاز، بعكس التعديل الحوثي، الذي من السهل عند التنفيذ تجاوز شرط الإسلام في كل أنواع الزكاة كون الثروات المعدنية سيادية للدولة اليمنية " المسلمة" تتقاسمها مع الشركاء الآخرين إذا كانوا غير مسلمين. وتحتسب أموال الشركاء مجموعة حسب القانون.

وفي المادة (21) ترك القانون السابق للّائحة التنفيذية تحديد أنواع الركاز، محيلا مصارف الخمس على مادة في ذات القانون حددتها بثمانية مصارف. لكن النص الحوثي زاد على المادة " بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية نوعا ومصرفا" فأخرج بذلك الخمس من وقوعه تحت طائلة المادة (25) المحددة للمصارف وفق الآية الكريمة " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل" ، وبالتأكيد سينقل مصارفه في اللائحة إلى مصارف غنائم الحرب المذكورة في قوله تعالى "واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل" بدليل أن النص لم يكن بحاجة للإحالة إلى اللائحة طالما والمصارف محددة في القانون.

خلاصة الموضوع أن الحركة الحوثية تعمل بشكل واضح على شرعنة نهب 12 بالمئة من ثروات البلد – حصة الله والرسول والقربى -  لصالح الجماعة وعلى رأسها نخبتها الموسومة ب " ذوي القربى"، أما تحديد ذوي القربى فغالبا ما سيتم بصكوك اعتماد من الحركة للمشجرات الجديدة أو المدونة في ما يعرف بمشجرات أبو علامة، بصرف النظر عن صحتها أو زيفها، لأنها تدرك ما يمكن أن يحدثه الاعتماد على الفحوصات الجينية من قلب الكثير من المعتقدات الاجتماعية بشأن النُسب العرقية.

مشكلة الحركة الحوثية ليس في الاستمرار بالكشف عن وجهها القبيح، فهذا الوجه أسفر عن نفسه في أول ملزمة لحسينها، بقدر ماهي في وقاحة التمييز الكهنوتي ضد اليمنيين.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية