رأى تقرير دفاعي بريطاني، أن تركيا تدفع تجاه سباق تسلح ومواجهة عسكرية لا مفر منها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بسبب سلوكها الاستفزازي ومطالبها غير المعقولة.
 
واعتبر تقرير ”المعهد الملكي للخدمات المتحدة“ أن ”غيوم الصراع تتجمع فعلًا فوق شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد أن أدى اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز، والجهود اللاحقة لترسيم حدود المناطق الاقتصادية، إلى زيادة التوترات بين دول المنطقة“، مشيرًا إلى أن اليونان وتركيا الخصمان التاريخيان دخلا الآن في سباق تسلح بحري مكثف.
 
تطوير الغاز وعوامل العداوة
 
وأوضح التقرير أن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، هي الحدود الجديدة للغاز الطبيعي، إذ تمتلك إسرائيل ومصر وقبرص القدرة على أن تصبح من منتجي الغاز المهمين.
 
ولفت إلى أن حقل ”ليفياثان“، يحتوي احتياطيات تقدر بـ 22 تريليون قدم مكعب، ويقع على بعد 80 ميلًا من الساحل الإسرائيلي، بينما يقع حقل ”ظهر“ العملاق، الذي يحتوي على احتياطيات تقدر بـ 30 تريليون قدم مكعب، على بعد حوالي 120 ميلًا شمال ساحل البحر المتوسط في مصر.
 
وخلال السنوات الأخيرة، تم العثور على احتياطيات الغاز قبالة الساحل الجنوبي لقبرص؛ إذ يحتوي حقل ”أفروديت“ على 5 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي القابل للاسترداد.
 
ورأى التقرير أنه في ظل هذه الخلفية، فإن موقع اليونان يجعلها مركزًا طبيعيًا بين شرق البحر المتوسط الغني بالغاز، وأوروبا المستهلكة للغاز، لافتًا إلى أن أثينا تفاوضت على إنشاء خط أنابيب شرق البحر الأبيض المتوسط مع قبرص وإسرائيل، والذي سيربط حقول الغاز الإسرائيلية والقبرصية بأوروبا، عبر جزيرة كريت والبر الرئيس لليونان.
 
بناء القوات البحرية
 
وأشار التقرير إلى أن كل من إسرائيل، ومصر، وتركيا، واليونان، قامت بتحديث قواتها البحرية منذ اكتشاف حقول الغاز الأولى، في أوائل العام 2010، فيما سعت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى دور إقليمي جديد كدولة عربية رائدة.
 
وفي العام 2016، حصلت البحرية المصرية على سفينتين هجوميتين برمائيتين فرنسيتي الصنع من طراز ”ميسترال“، وحصلت بعد 4 سنوات على فرقاطتين من إيطاليا.
 
وبالمثل، حاولت إسرائيل زيادة وجودها البحري في المنطقة، إذ اشترت البحرية الإسرائيلية 6 غواصات تعمل بالديزل من طراز ”دولفين“، و4 سفن صاروخية من ألمانيا، بحسب التقرير الذي قال إن هذه القدرات البحرية المحسنة تخدم أغراضًا دفاعية إلى حد كبير، بما في ذلك حماية منشآت الطاقة البحرية، ومراقبة المناطق الاقتصادية الخالصة.
 
ولفت التقرير إلى أن ذلك ليس هو الحال بالضرورة مع تركيا، إذ أطلقت أنقرة برنامجًا طموحًا لبناء بحرية ”مياه زرقاء“ لإبراز القوة بعيدًا عن الوطن، وأنه يمكن للسفينة الهجومية البرمائية ”أناضوليا“ التي تم بناؤها حديثًا، إجراء عمليات قتالية على بعد مسافات طويلة.
 
وأوضح التقرير، أن اليونان دولة بحرية لديها أكبر أسطول تجاري في العالم، وأن البحرية اليونانية، هي بحرية ”مياه خضراء“، لديها قوة نيران كبيرة، ولكن يمكنها العمل بأمان فقط في بحر إيجة، مشيرًا إلى أنها تفتقر إلى الوسائل لإبراز قوتها في المياه العميقة في المتوسط.
 
ولفت إلى أنه مع ذلك، فإن الأمر استغرق أسابيع قبل أن تعلن الحكومة اليونانية قرارها بشأن الدولة التي ستفوز بعقد تبلغ قيمته 5 مليارات يورو، لبناء 4 فرقاطات جديدة متعددة الأدوار، مضيفًا، أن وزارة الدفاع اليونانية وضعت قائمة مختصرة لستة عروض من: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وفرنسا.
 
ونبه التقرير إلى أنه سيتم تسليم هذه السفن الحربية إلى البحرية اليونانية بعد عام 2025، ومن المرجح أن تكون مجهزة بصواريخ متقدمة مضادة للطائرات.
 
ولفت إلى أن أثينا تأمل باستخدام هذه السفن لزيادة وجودها البحري في المياه المتنازع عليها شرق البحر الأبيض المتوسط.
 
وذكر التقرير، أن البحرية اليونانية تتمتع بميزة واضحة على البحرية التركية في حرب الغواصات، إذ إن لديها الغواصات التقليدية الأكثر تقدمًا شرق البحر الأبيض المتوسط.
 
وأوضح أنه خلال المواجهة العسكرية مع تركيا في الصيف العام الماضي، ظلت الغواصات اليونانية غير مكتشفة، وقدمت ميزة عسكرية كبيرة تحت الماء.
 
ورأى التقرير، أن الأمور ستتغير قريبًا، إذ استحوذت البحرية التركية على أول غواصة من 6 غواصات ألمانية جديدة، مشيرًا إلى أن أنقرة تريد الغواصات الجديدة من أجل تعويض التفوق اليوناني، وتحويل التوازن البحري لصالحها.
 
أشار التقرير إلى أنه، منذ نيسان/ أبريل الماضي، انخرطت اليونان وتركيا في حوار سياسي لحل بعض مشاكلهما، إلا أن عملية ما قبل المفاوضات من المحادثات الاستكشافية لا تبدو واعدة للغاية في الوقت الحالي بحسب التقرير.
 
وقال:“أصدرت تركيا مطالب جديدة لا يمكن للحكومة اليونانية قبولها، وطالبت أنقرة على سبيل المثال، بنزع السلاح من بعض جزر بحر إيجة الشرقية، على الرغم من أن اليونان دولة زميلة في حلق الناتو وليست لديها مطالبات إقليمية ضد تركيا“.
 
وختم التقرير قائلًا:“قد يؤدي الفشل المحتمل للمحادثات إلى مزيد من التوترات، ويمكن أن تخلق المصالح المتنافسة في مجال الطاقة إلى جانب القدرات البحرية الجديدة، بيئة تجعل الصراع أمرًا لا مفر منه“.
 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية