على الرغم من تصاعد الاحتجاجات الشعبية في المدن الإيرانية مؤخرًا فإن هذا لا يعني أن (طهران) سوف ترضخ بسرعة للضغوط الأمريكية أو تتنازل عن مواقع نفوذها السياسي في عديد من الدول العربية (لبنان وسوريا والعراق واليمن وقطر).. يمكن أن تغير بعض التكتيكات الصغيرة هنا وهناك، ولكن الاستراتيجية التوسعية في النفوذ سوف تبقى في إيران ولن تتغير، لأن جوهر النظام الإيراني منذ الثورة الخمينية عام 1979 يقوم على (تصدير الثورة) إلى العالم.. وهذا يأخذ أشكالاً مختلفة مثل دعمها لـ(حزب الله اللبناني) الذي صار عمليا هو الذي يحكم لبنان وليس (الدولة) وتنفق إيران بسخاء على (حزب الله) هناك، ولعل هذا ما حدا بالمتظاهرين الإيرانيين مؤخرًا إلى أن يهتفوا (الموت لحزب الله) الذي يرى كثير من الإيرانيين أنه يسترزق على حساب الفقراء الإيرانيين، حيث تخصص له ميزانية سنوية ضخمة يشرف عليها بيت المرشد الأعلى (خامنئي).

 

هذا هو جوهر سياسة إيران.. فما هي سياسة أمريكا تجاه إيران؟ سياسة أمريكا تتغير بتغير الرؤساء الذين يصلون إلى (البيت الأبيض) في واشنطن.. ففي فترة حكم (أوباما) تمتعت إيران بثماني سنوات من شهر العسل بين البلدين وانتهت بعقد اتفاق الملف النووي الهزيل، وحصول إيران على أموال ضخمة بالمليارات من الدولارات الأمريكية صرفت على تقوية الأحزاب والمليشيات والمرتزقة التي تعمل لصالحها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان وباكستان.

 

وحين تغير (الرئيس الأمريكي) في البيت الأبيض وجاء (دونالد ترامب) إلى كرسي الرئاسة.. شن حملة ضارية ضد إيران بدأها بتشديد العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني، وانسحب من (الاتفاق النووي)، وشجع ودعّم المظاهرات الاحتجاجية ضد حكم الملالي في المدن الإيرانية.. لكنه أيضًا لم يغلق باب المساعي الدبلوماسية، وأعلن مؤخرًا استعداداه لمقابلة الرئيس الإيراني (حسن روحاني) لإجراء المفاوضات بينهما.. وهذا يعني أن الموقف الأمريكي الصارم تجاه إيران قابل للمرونة السياسية بقدر ما تقدم إيران من تنازلات أمام المطالب الأمريكية.

 

لذا؛ من المهم لدول الخليج وللدول العربية الحليفة مع (واشنطن) أن تدرك أن الموقف الأمريكي يمكن أن يتغير في أي لحظة.. لأن (واشنطن) سوف تفكر في مصالحها أولاً، ويمكن أن تتخلى عن حلفائها إذا استدعت المصلحة الأمريكية ذلك.. لذا؛ من المهم أن تكون هناك (استراتيجية عربية) ترتكز على الاعتماد على القدرات العسكرية والاقتصادية (العربية).. وليس انتظار من سيأتي إلى رئاسة (البيت الأبيض) كل أربع أو ثماني سنوات.. ويرحل.

 

أخبار الخليج

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية