قدّر خبراء اقتصاديون ومهتمون بالمالية العامة للدولة، عوائد مليشيا الحوثي من واردات المشتقات النفطية، خلال الفترة التي أعقبت الهدنة في أبريل 2022م، حتى الآن، بتريليوني ريال، جنتها من الرسوم الضريبية والجمركية وعمولات أخرى، إضافة إلى قيمة مبيعات النفط الإيراني الذي تحصل عليه كهبات ومعونات مجانية.

وبحسب بيانات حركة السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة، منذ بدء الهدنة في الثاني من أبريل 2022م، وحتى منتصف أغسطس الجاري؛ فإن عدد السفن المحملة بالمشتقات النفطية التي تم التصريح بدخولها، وفرغت حمولتها بالفعل في ميناء الحديدة، بلغ (157) سفينة بإجمالي حمولة أربعة ملايين و98 ألفًا و67 طنًا متريًا، ما يعادل أربعة مليارات و98 مليون لتر من الديزل والبنزين، والمازوت.

تختلف تكلفة الاستيراد للمشتقات النفطية حسب زمن عقود الشحنات المستوردة، ونوعها، ومواصفاتها؛ غير أن جميعها تُباع بأسعار محددة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، بمتوسط 640 ريالًا لكل لتر بنزين و700 ريال لكل لتر ديزل، وهي الأسعار المتداولة خلال الفترة (مايو 2022م وحتى ديسمبر 2022م)، مع بعض التفاوت الذي لا يغير من المؤشرات.

وعند اعتماد أقل النسب (600 ريال) لكل لتر، لحساب قيمة الكميات المستوردة من المشتقات النفطية خلال فترة الهدنة والبالغة أربعة مليارات و98 مليون لتر؛ فإن متوسط إجمالي قيمة الوقود المستورد عبر ميناء الحديدة يصل إلى تريليونين و458 مليارًا و840 مليون ريال يمني.

من أين تأتي موارد الحوثيين من المشتقات النفطية؟

- العوائد الرسمية: 
بعد استيلاء الحوثيين على السلطة بقوة السلاح، أقرت ما تسمى اللجنة الثورية للحوثيين، في 28 يوليو/ تموز 2015، تعويم أسعار النفط، كما قضى القرار الحوثي برفع الدعم عن المشتقات النفطية وبيعها بالسوق المحليّة وفقاً للسعر العالمي.

كما قضى القرار برفع رسوم الجمارك والضرائب إلى 16.4 %، وكذلك الرسوم المقتطعة لصندوق الطرق، وصندوق التشجيع، وهي رسوم كانت تضاف للسعر السابق، كما قضى القرار بإضافة خمسة ريالات يمنية للتر الواحد من مادتي البنزين والديزل، بدعوى تمويل إنشاء محطة كهرباء.

ونص القرار على أن تضاف رسوم أخرى لصالح إنشاء ميناء نفطي لمدة عامين، بواقع 1.60 ريال يمني على لتر الكيروسين، و1.54 على لتر البنزين، و1.79 على لتر الديزل، مع الأخذ في الاعتبار أن كل تلك الأموال المقتطعة لم تورد لخزينة الدولة لدفع المرتبات، وإنما كانت لغرض تمويل الحرب وإطالة أمدها.

وتصل أرباح ومنافع الحوثيين من سوق الوقود إلى أكثر من 56 % من القيمة الفعلية للوقود، بحيث يدفع المواطن أكثر من 130 % من القيمة الحقيقية للتر الواحد من البنزين، وفق التقرير الذي صدر عن مبادرة استعادة "Regain Yemen".
تمثل القيمة الحقيقية للمشتقات النفطية حوالي 44 % مما يدفعه المواطن عند شراء المشتقات النفطية من مليشيا الحوثي، وتحصّل الجماعة أغلب النسبة المتبقية لتقوية مراكز نفوذها، مع تنصلها من التزاماتها تجاه دفع رواتب الموظفين وأي التزامات تجاه الإنفاق الاستثماري في التعليم أو غيرها.

وتؤكد معلومات أن إجمالي ما تحصلته المليشيات من منافع وأرباح ورسوم من الكميات المستوردة خلال فترة الهدنة، تصل إلى تريليون و376 مليارًا و953 مليون ريال يمني، بما يعادل مليارين و598 مليون دولار، من دون عوائد مبيعات النفط الإيراني والعراقي الذي تتحصل عليه المليشيات كهبة ومعونات مجانية.

ومن التكاليف الإضافية الأخرى التي تُفرض بعد تفريغ شحنة الوقود وتجهيزها للتوزيع والبيع في السوق المحلية، رسوم موظفي المليشيات في كل محافظة تسيطر عليها، بالإضافة إلى عناصر المليشيات في كل نقاط التفتيش التي تديرها، والتي لا بد أن تمر بها شاحنات النقل خلال رحلتها من ميناء الحديدة حتى جهة الوصول.

- المعونات النفطية:
حصلت مليشيات الحوثي على معونات نفطية منتظمة من إيران لدعم حربها على اليمنيين، ودخلت الموانئ اليمنية عبر طرق معقدة وشبكة من الوسطاء المحليين والخارجيين، وكانت القرارات الحوثية- منذ انقلابها- عبارة عن تمهيد وتعبيد الطريق للحصول على النفط الإيراني.

قرار تحرير تجارة الوقود وفتح الباب لشركات القطاع الخاص لاستيراد المشتقات النفطية، وإنشاء الحوثيين أكثر من 50 شركة خاصة باستيراد الوقود، كان مجرد تهيئة للبنية التحتية لاستيراد وتخزين وتوزيع الوقود الإيراني، وبيعه للمواطن على أنه شحنات تجارية رغم رداءة مواصفاتها.

مؤخرًا، كشفت وزيرة الدولة بحكومة المليشيات، علياء فيصل الشعبي، عن تلقي منح مجانية من المشتقات النفطية من الحكومة العراقية، طوال فترة ما أسمتها بالحصار.

فيما قالت لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن حرب اليمن؛ إنها كشفت شركات داخل وخارج اليمن تعمل كواجهات لبيع النفط الإيراني وتمويل "المجهود الحربي" للحوثيين، مشيرة إلى تورط أحد الأشخاص المدرجين على لائحة العقوبات الأممية.

وذكر تقرير للجنة خبراء في الأمم المتحدة أن وقودًا تم تحميله في مرافئ إيران در عائدات سمحت للمتمردين الحوثيين بتمويل جهود الحرب ضد الحكومة اليمنية المعترف بها. وقالت لجنة الخبراء في تقريرها الأخير للعام 2018؛ إنها "كشفت عددًا قليلًا من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل كواجهة" لهذه العمليات، مستخدمة وثائق مزورة لإظهار كميات الوقود على هيئة تبرعات.

وحول حجم هذه الكميات، فقد قدّر تقرير فريق الخبراء حصول الحوثيين على معونات نفطية إيرانية بقيمة ثلاثين مليون دولار شهريًا، فيما يتوقع خبراء أن تفوق المعونات الإيرانية هذه الكمية، وأن تصل إلى خمسين ألف برميل يوميًا، وهي تعادل نصف الكمية التي يتم استهلاكها يوميًا في الأسواق المحلية، وحتى بالمقارنة مع الكميات الداخلة عبر ميناء الحديدة من فترة بعد الهدنة والتي تُقدر بنحو 111 ألف برميل يوميًا.

وبعد تجنيب الرسوم الضريبية والجمركية وبقية المبالغ المحصلة بموجب المراسيم الحوثية غير الدستورية؛ فان صافي قيمة ما تتحصله المليشيات من مبيعات المعونات النفطية الإيرانية والعراقية وصل، منذ ما بعد الهدنة، إلى 540 مليارًا و944 مليون ريال.

ما قبل الهدنة

لا يتعلق الموضوع بعائدات الحوثيين بعد الهدنة، فحتى الفترة التي سبقت الهدنة تحصلت المليشيات الحوثية مئات المليارات، التي تمول بها أرصدة قادتها وحربها ضد اليمنيين.
وبالنظر إلى بيانات حركة السفن الواصلة إلى موانئ الحديدة، يتضح حجم الأموال الهائلة التي تتحصلها وتنهبها المليشيا الحوثية؛ فقد بلغت الكميات المستوردة من المشتقات النفطية (ديزل_ بترول _ مازوت ) عبر ميناء الحديدة لعام 2015، حوالي "1,142,871 طنًا متريًا"، ما يعادل "1,474,178,490 لترًا"، بمتوسط تكلفة شراء للتر الواحد 101.48 ريال، وبالمقابل كان متوسط تكلفة البيع للتر الواحد 413 ريالًا، والفارق بين متوسط تكلفة البيع وتكلفة الشراء هو الفساد الناجم عن هذه العملية والمتمثل في (311.52) ريال للتر الواحد، والذي يعادل (459,238,886,885) ريالًا يمنيًا، (أربعمائة وتسعة وخمسين مليارًا ومائتين وثمانية وثلاثين مليونًا وستمائة وستة وثمانين ألفًا وثمانمائة وخمسة وثمانين ريالًا يمنيًا).

أما بالنسبة للعام 2016، فقد كانت كمية المشتقات النفطية المستوردة حوالي (1,053,072) طنًا متريًا، ما يعادل (1,358,462,88) لترًا، وكان متوسط تكلفة الشراء للتر الواحد (107.42) ريال ومتوسط تكلفة البيع للتر الواحد (270) ريالًا، بحيث يكون الفارق بين تكلفة البيع عن تكلفة الشراء (162.58 ريال) للتر الواحد هو المتمثل بإجمالي الفساد للعام 2016، والذي يبلغ 220 مليار ريال و858 مليونًا و895 ألف ريال يمني.

وكان متوسط سعر الصرف للدولار في البنك المركزي في العام 2015، يبلغ 215 ريالًا، وفي العام 2016 بلغ 231 ريالًا؛ أما متوسط شراء الطن من المشتقات النفطية في العام 2015 فكان "608.9 دولار" وفي عام 2016، بلغ متوسط شراء الطن "600.0" دولار.

فيما أظهر تقرير "مبادرة استعادة" أن الفارق بين تكلفة البيع عن تكلفة الشراء للأعوام 2019م و2020م والربع الأول من العام 2021م، بلغ على التوالي: 200 مليار- 798 مليارًا- 279 مليار ريال يمني.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية