تقرير| الموت جوعًا في اليمن.. مأساة "أشواق" تلخص الكارثة القادمة
في زاوية منسية من شمال غربي اليمن، لفظت الطفلة النازحة أشواق علي حسن مهاب أنفاسها الأخيرة، فجر الجمعة، بعد معاناة مريرة مع الجوع، في أحد مخيمات النزوح بمديرية عبس محافظة حجة.
كانت أشواق، ذات الأعوام السبعة، تحاول البقاء على قيد الحياة بما يتوافر من فتات طعام تتبرع به الأسر المجاورة، وجرعات ماء لا تكفي لتغذية جسد أنهكه الجوع والإهمال.
لقد كانت وفاة الطفلة أشواق مؤشراً مؤلماً على واقع يتدهور بصمت في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، حيث تتراجع فرص البقاء وتتسع دوائر البؤس، وسط غياب المساعدات وتضييق الخناق على العمل الإنساني.
تزامنت مأساة هذه الطفلة مع إعلان برنامج الأغذية العالمي تعليق أنشطة الوقاية من سوء التغذية في مناطق سيطرة الحوثيين، نتيجة للقيود المتصاعدة التي تفرضها المليشيا على الشركاء الإنسانيين.
قرار التعليق، بحسب البرنامج، سيحرم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات من المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، ما يجعل مأساة أشواق بداية سلسلة مؤلمة من ضحايا الجوع المنتظرين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد حذر في وقت سابق اليوم من أن خطر المجاعة لا يزال قائمًا في اليمن، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية.
التحذير الأوروبي جاء بعد سلسلة من المؤشرات الصادمة، كان أبرزها مشهد المواطن ياسر أحمد البكار، الذي وثقته عدسة الكاميرا في أبريل الماضي، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة جوعًا على أحد أرصفة مدينة إب، وأمامه قطعة خبز، وجواره طفله الصغير الذي لم يدرك أن والده قد مات.
وفي تقرير سابق، تحدث برنامج الأغذية العالمي عن لجوء عائلات نازحة في محافظة حجة إلى غلي أوراق الشجر لتناولها، في ظل غياب الغذاء، حيث تُسلق الأوراق حتى تصبح عجينة مُرة الطعم لكنها قابلة للبلع، وسيلة مفزعة للبقاء على قيد الحياة في بلد يعيش فيه أكثر من 21 مليون شخص على المساعدات الإنسانية.
من جهتها، كشفت منظمة "أطباء بلا حدود"، في تقرير، اليوم، أنها عالجت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري أكثر من 3,700 طفل يعانون من سوء تغذية حاد ومتوسط في عدد من المحافظات اليمنية، بينها 1,169 حالة في محافظة حجة وحدها، ما يعكس حجم الخطر الذي يهدد أرواح آلاف الأطفال.
وفي ظل القيود الحوثية على أنشطة الإغاثة، وانحسار الدعم الدولي، يبدو أن شبح المجاعة بات أكثر حضورًا من أي وقت مضى، في مشهد لا يقل فظاعة عما تشهده مناطق منكوبة كغزة، وسط صمت دولي مريب، ومعاناة تتفاقم يوماً بعد آخر.